للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معادية للفرنسيين. فالعناية بالشعر الشعبي في القرن الماضي كانت لأغراض سياسية في أغلب الأحوال. ثم أخذ المستشرقون يدرسون هذا الشعر باعتباره مصدرا اجتماعيا ولغويا وإثنيا. ومن الذين برزوا في ذلك رينيه باصيه وتلميذاه الإسكندر جولي وجوزيف ديبارمي. ومن تلاميذه الجزائريين محمد بن شنب الذي نشر وترجم بعض شعر محمد بن إسماعيل عن حرب القرم وأشعارا أخرى لابن مسايب وغيره. ثم جاء محمد صوالح فنشر شعرا لمصطفى ثابتي عن وضع الجنود الجزائريين في الحرب العالمية الأولى عندما جندوا ونقلوا إلى أوروبا. ومن جهة أخرى كان لويس رين ودومينيك لوسياني قد اهتما بالشعر الزواوي الذي قيل في ثورة ١٨٧١، وقد نشر كل منهما نماذج من ذلك، بعضه لإسماعيل ازيكيو، وبعضه لمحمد بن محمد (محند أو محند)، وبعضه لمجهولين (١).

ولقد اهتم جولي بالشعر الشعبي في الجنوب: مناطق الحضنة والأغواط وتيارت وبسكرة وعين الصفراء. وكان قد حصل على منحة لجمع ودراسة هذا الشعر. وقد استعان على ذلك ببعض الجزائريين، مثل غيره، فكان القاضي عبد الرزاق الأشرف من المساعدين له في جمع المادة وتحليلها لغويا وفهم معاني الشاعر. أما جولي فكان له حظ الترجمة والتصنيف والتعليق. وكذلك استعان لوسياني في ترجمته لنماذج الشعر الزواوي بالشيخ محمد السعيد بن زكرى. وأما ديبارمي فقد (تخصص) في الأدب الشعبي عموما، ومنه الشعر، في منطقة متيجة، بما في ذلك البليدة والمدية وأوطان الحجوط والخشنة والقليعة وبودواو ويسر. وقد ترجم قصصا وأشعارا كثيرة حصل عليها من بعض (الطلبة) والفلاحين المتصلين بالأوروبيين في المنطقة. وكان ديبارمي يحسن قراءة أفكار الشعراء إلى درجة المبالغة أحيانا. فكان يستخرج منهم المعاني الظاهرة والباطنة في نظره ويربط ذلك بالوقائع والواقع.


(١) عما نشره رين (وهو ضابط) انظر كتابه (انتفاضة ١٨٧١).
أما ما نشره لوسيانى فتجده فى المجلة الإفريقية، ١٨٩٩. انظر لاحقا. وكان لوسيانى مسؤولا عن إدارة الشؤون الأهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>