للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقام سعد الدين بن شنب أوائل الخمسينات بدراسة للأدب الشعبي، ولكنه كاد يقصر اهتمامه على الشعر. وقد نجح في رصد أغراض هذا الشعر وتناول حياة بعض الشعراء. ورأى أن الموضوع الخالد في هذا الشعر هو الحب، ولكن الشعراء تناولوا أيضا الدين والتوسلات بالرسول (صلى الله عليه وسلم) والأولياء، والفروسية والصيد والبطولات والتغني بالطبيعة وجمال الريف، إلى جانب النصائح والحكم والرثاء والفرح والتعاسة والشكوى من الدهر. ومن الشعراء الذين أشار إليهم، عبد الله بن قريو الأغواطي (ت. ١٩٢١) الذي تغنى بامرأة أحبها، وكانت الأخلاق الاجتماعية لا تسمح بإعلان ذلك. فاكتفى بالتغني بالجمال والشكوى قائلا: (أشكو إليك يا قاضي الحب). ومنهم محمد العنقاء (و. ١٩٠٧) الذي تغنى أيضا بالحب وزمز للمحبوبة بالحمام الذي طار من يديه. وكان عبد الرحمن الأعلى من هؤلاء الشعراء الذين تناولوا الجانب الاجتماعي ووصفوا شقاء الناس ونادوا بفعل الخير والإحسان. وأما رابح بن الطاهر (١) الصحراوي فقد امتلأ قلبه بحب الطبيعة وابتهج بالجمال في الصحراء ولكنه أيضا تناول مواضيع الحزن والغربة، وصور مشاعر شاب اغترب عن أمه في فرنسا ومأساة البطالة وطلب العمل في البلد الأجنبي.

وبالإضافة إلى هؤلاء الشعراء ذكر سعد الدين بن شنب، سيدي ابن عمر الذي تميز بالشعر الديني ومدح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والحنين إلى مكة والمدينة والرغبة في العيش في أرض الإسلام. وهو الشعر الذي يحبه الرأي العام ولا سيما في المناسبات الدينية. وكان عبد الرحمن عزيز قد تولى غناء هذا النوع من الشعر. وأدى الشاعر عيسى بن علال الشملالي فريضة الحج وركب البحر فصور هذه التجربة الفريدة عنده، وهي الحج والبحر. وامتاز الشاعر محمد عبابسة (ت. ١٩٥٣) بشعر الحكمة والمثل، وتقديم المواعظ والنصائح الفلسفية. وكانت قصائده يتغنى بها المنشدون. وأثناء الأحداث الكبيرة


(١) كذا مكتوب، ولعل له صلة بالشاعر محمد بن الطاهر المازوزني البوزيدي الذي ذكره الشاعر عاشور الخنقي في ديوانه (منار الإشراف) ١٩١٤، ودارت بينهما مراسلة سنة ١٨٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>