نتناول في هذا الفصل الترجمة سواء كانت من العربية إلى الفرنسية أو العكس. وقد كان للترجمة دور فعال في حياة الجزائر الثقافية منذ الاحتلال. وكان لها فرقة كبيرة موزعة بين المترجمين القضائيين والعسكريين والإداريين. وظهرت الترجمة في ميدان الصحافة والأدب والعلوم الأخرى. وسنذكر نماذج من المترجمين. وكان لجريدة المبشر أهمية خاصة في تنشيط الترجمة من الفرنسية إلى العربية قبل ظهور الصحافة المستقلة التي أصبحت تترجم عن مختلف المصادر الفرنسية.
ومن جهة أخرى نتناول في هذا الفصل ظهور النخبة الاندماجية. فقد سعى الفرنسيون منذ أول وهلة إلى سحر بعض الجزائريين بحضارتهم ولغتهم. وعملوا على تكوين فئة قابلة للاندماج والذوبان في فرنسا ومنقطعة عن ماضيها وتراثها اللغوي والديني. وهذه الفئة هي التي أصبحت تعرف (بالنخبة) الاندماجية. وهي فئة قليلة تعلمت، في أغلب الأحيان، في المدارس الفرنسية الخاصة (بالأهالي)، وكانت غالبا من أبناء الموظفين لدى الإدارة الفرنسية، وقد مسخت هذه الفئة مسخا وتجنس أكثرها بالجنسية الفرنسية أو (طورنت) كما يطلق عليها شعبيا. كما تزوج بعض أفرادها من فرنسيات، وأصبحوا منقطعين عن المجتمع الجزائري. وكان أوائل هذه الفئة قد خطفهم الفرنسيون خطفا واعتبروهم رهائن، ثم أخذوهم من الجزائر إلى فرنسا وأدخلوا بعضهم إلى مدرسة خاصة في باريس. وبعد غسل أمخاخهم أدخلوهم في الجيش وفي فرق الترجمة وفي الإدارة. وهكذا أصبحوا هم نواة النخبة الاندماجية. ثم تلاحق العدد فكان أولاد الموظفين في الإدارة، ثم جاء الجيل الثاني والثالث حتى أصبح العدد معتبرا وأصبح للنخبة صوت في الحياة السياسية منذ أوائل هذا القرن. وقد كان للمدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث