للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرقية (ورقلة، وتقرت، وسوف). وقد وصلت آثارها إلى منطقة الزيبان، كما كان بوبغلة ثائرا في زواوة. ولذلك فإن خوف الفرنسيين من تأثير هذا الشعر ربما كان في محله.

وهناك شاعر آخر تغنى ببطولة بوزيان أيضا، واسمه علي بن الشرقي. فقد وصف كثرة جيش العدو (ويسميهم النصارى) الذي كان كالجراد. كما وصف نوع بارودهم ودقات طبولهم، وغبار المعركة التي دامت أكثر من خمسين يوما. وبناء على هذا الشاعر فإن سمعة بوزيان قد وصلت إلى تونس، بل وسمع به السلطان العثماني (١).

وفي سنة ١٨٦٤ حدثت ثورة أولاد سيدي الشيخ، فكان لها شعراؤها، ومن المعارك التي خلدها الشعر الشعبي معركة الشلالة في هذه السنة، وصاحب الشعر هو أحمد بن دالة العامري، وربما يكون من بني عامر الذين ساندوا الأمير عبد القادر. ولكن الشعر منظوم بعد عشرين سنة من الواقعة. فهل تأثر الشاعر بثورة بوعمامة التي كانت مرحلة أخرى فقط من مراحل ثورة أولاد سيدي الشيخ؟ ويعبر الشاعر عن المعركة بأنها (نهار الشلالة) المخلد في التاريخ (في الزمان معدود):

يالحاضرين عاودوا الأخبار واشته صار ... على نهار الشلالة في الزمان معدود

سعد النهار الشلالة خرجت المحلة ... جات ثم الخيالة ما بقي مجحود (٢)

وحدثت ثورة بوخنتاش في الحضنة سنة ١٨٦٤. وقد حظيت بشعر سجل وقائعها وسيرة بطلها. ولكن الشاعر ظل مجهولا، وإنما تناقل الناس شعره ورددوه في الذكريات. وكان المداحون هم نقلة هذا الشعر ورواته لأنهم كانوا يحيون ذكرى الواقعة في الأسواق وغيرها ويريدون من السامعين أن يمجدوا مثلهم بطولات وجهاد الثائر وأصحابه. وكان بعض الشعراء يتجد الماضي والبطل، ولكن آخرين كانوا يسخطون على ما حدث، لأنهم كانوا


(١) نفس المصدر، ص ١٢١.
(٢) عمار أيزلي، جريدة (الوجه الآخر)، عدد ٢٤ - ٣٠، سبتمبر ١٩٩٤، الحلقة ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>