للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإحضاره أمام المجلس العسكري. وهو الذي أرسل القسيس سوشيه، خليفة عنه إلى قسنطينة، وكان هذا مثل سيده يتحدى المشاعر الاسلامية ويدعو إلى النصرانية جهارا. وكان سوشيه قد أرسله دوبوش أيضا إلى الأمير عبد القادر في معسكر يتجسس عليه ويبادله، ظاهريا، بعض الأسرى المسلمين بأسرى فرنسيين (١).

وقد وصف بلاكسلي بعض مظاهر النشاط الديني الفرنسي في الجزائر فقال: انه كان للأسقفية قصر (فيلا) بناحية سانت اوجين (بلكين حاليا). ويعتبر من نوادر القصور التي سلمت من التخريب. وكان القصر فيما مضى مقرا للقنصلية الفرنسية في عهد الدايات. ثم أصبح مقرا للحلقة الدراسية (السيمينار) التي أنشأتها الأسقفية ومنزلا ريفيا للأسقف. وذكر بلاكسلي أن دوبوش قد وجد سنة ١٨٣٩ قسيسين يقومان بشؤون الدين المسيحي في أحد المساجد الذي حولته السلطات إلى كنيسة. كما وجد بعض النسوة (الراهبات) اللائي كرسن حياتهن لخدمة الأيتام والتحريض. ومن جهة أخرى وجد دوبوش معبدا في وهران وآخر في عنابة. غير أنه وجد الفرنسيين الذين حلوا بالجزائر وقد انتشرت بينهم المفاسد وانحطت أخلاقهم.

ولكن دوبوش انطلق في مشروعه فأنجز في ظرف سبع سنوات ٤٧ كنيسة ومعبدا و ٤٠ ملجأ. ووظف ٣٩ راهبا، وجلب عددا من (أخوات الرحمة). وأنشأ ملجأ (الترابيست) في اسطاولي. وصرف المال الكثير على مشاريعه حتى بلغت ديونه ٢٠، ٠٠٠ جنيه استرليني. وشهد بلاكسلي أن رجال الكنيسة، وعلى رأسهم دوبوش، قد أدوا خدمة كبيرة لفرنسا في الجزائر عن طريق التأثير على السكان معنويا بالعلاج والأعمال الخيرية وإعطاء المثال في النظافة والنظام وحسن المعاملة. ومن ذلك مستشفى وهران، وملجأ ابن عكنون المسمى (بروملت) وملجأ بوفاريك، وكلاهما من عمل اليسوعيين.


(١) انظر سوشيه (لقاء مع الأمير عبد القادر) سنة ١٨٤١ وهو منشور في (مجلة الشرق) ١٨٤٣، ص ٧٧ - ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>