للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تنظر إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسيرته نظرة صوفية روحانية. ومن الطبيعي أننا لن نقدر على تنأول كل ذلك هنا، إما لأن الإنتاج ليس كله في متناولنا، وإما لأن حجم الكتاب لا يسع الجميع.

ورغم تقادم الزمن فقد ظلت أعمال ابن صعد (النجم الثاقب) على الخصوص، وأعمال محمد بن يوسف السنوسي، وتأليف أحمد النقاوسي (الأنوار المنبلجة) على قصيدة ابن النحوي، وأعمال الحوضي والجزائري (أحمد بن عبد الله)، وعبد الرحمن الثعالبي ومرائي الفراوسني والمازوني (صلحاء الشلف)، وغيرهم مصدرا هاما للتأليف في علم التصوف وفروعه، فسنرى أن ابن مريم والفكون والورتلاني والبطيوي ومحمد بن سليمان والصباغ القلعي وأضرابهم كانوا يعيشون في الغالب على تراث المذكورين. وقد أصبحت عبارة (الصلحاء) وأصحاب الولاية تتكرر في أعمال المتأخرين وأصبح المؤلفون لا يؤلفون إلا وفي أذهانهم أهل التصوف سواء كانوا معاصرين لهم أو متقدمين عنهم. وكان معظم المؤلفين يقرون الحركات الصوفية والتعمق فيها ولا يتناولون أصحابها بالنقد أو يتهمونهم بخرق قوانين علم التصوف كما شرعه أربابه الأولون، ولا نكاد نجد الاستثناء في هذا الحكم إلا عند الأخضري والفكون في كتابه (منشور الهداية) وبعض الإشارات عند ابن العنابي وابن عمار. فكان صوت الفكون في القرن الحادي عشر شبيها بصوت أبي الحسن الصغير السوسى الذي أمر السنوسي في رسالته (نصرة الفقير) بحرق كتبه، متهما له باتباع علوم أهل الظاهر فقط، بل حكم السنوسي بحرمة النظر في تأليفه (١). وكانت حملة الفكون على (فقراء) عصره وابن العنابي على (دراويش) عصره تشبه حملة أبي الحسن على المتصوفة أيضا. وكان الفكون قد جند بعض طلابه وأنصاره ضدهم أيضا فكتب عبد الرحمن البهلولي شعرا في نقد البدع، وانتشرت الدعوة بين بعض


(١) زاوية طولقة، ضمن مجموع غير مرقم، مخطوط منسوخ سنة ١٢٤٥ بخط جميل، يقع في اثني عشرة ورقة وكلمة (الفقير) هنا تعني المتصوف، وقد عاش أبو الحسن الصغير بالمغرب في القرن التاسع. انظر أيضا الفصل الأول من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>