وربما لم يمنعهم من الإعلان عن الشيوعية سوى الخوف من معارضة بعض زملائهم لهذا التوجه أو من معارضة جماهير الشعب السابحة في البحر الإسلامي منذ قرون، ولا شك أن تعبير (دولة ديموقراطية اجتماعية) يعني تقليد النظم التي تدور في فلك المعسكر الاشتراكي وبعض الجمهوريات الشيوعية ذات النظام الديموقراطي الاجتماعي في آسيا، فماذا بقي للمبادى الإسلامية؟ وما معناها؟ وما المقصود من عبارة إطار؟
يبدو أن هذه التعابير كلها غامضة في أذهان أصحابها أو أنهم صاغوها بطريقة غامضة عن قصد حتى تبقى محل احتمالات وأخذ ورد، وهي فعلا بقيت غامضة في أذهاننا نحن اليوم أيضا، وهو السبب في أن كل طرف يحاول تفسيرها على هواه أو كما تنسجم مع عقيدته السياسية وقناعته الثقافية، فلا المبادى واضحة ولا الإطار كذلك واضح، ولكن لو طلبنا من أي مسلم متعلم عندئذ أن يحدد مفهوم المبادى الإسلامية لأجاب بأنها جوهر الشريعة وما تحتويه من عبادات ومعاملات، أما (الإطار) فمفهومه أن الدولة الجزائرية المستقلة لن تخرج عن تعاليم الإسلام في الحلال والحرام والشورى وإقامة الحدود ... فمن كان يفكر في ذلك ممن صاغوا البيان؟ بينما في المبادى الأخرى العلمانية نجد البيان واضحا لا غبار عليه، فهو يصرح بوجوب (احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرفي أو ديني)، وهو نداء يقترب فيه البيان من الأقليات الأوروبية في الجزائر ويكشف فيه عن هوية الثورة بالنسبة للرأي العام الخارجي، كما طالب بوجوب (إعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي) في نطاق الدعوة إلى لملمة أطراف الحركة الذين اختلفوا حول أولويات النهج الثوري أو السياسي، بل كان البيان واضحا أيضا في توجيه الدعوة إلى الأطراف الوطنية الأخرى غير المنخرطة في حزب الشعب لأن العمل الآن أصبح يتمثل في تجميع وتنظيم جميع الطاقات الشعبية للتخلص من الاستعمار تحت لواء وطني واحد يدعى (جبهة التحرير الوطني).
كما كان البيان أكثر وضوحا فيما يتعلق بوحدة المغرب العربي، فالثورة