للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ١٨٥٧ تأسس في العاصمة معهد متوسط لتخرج فئة من أبناء الجزائريين العسكريين العاملين في الجيش الفرنسي، وسمي بالمعهد السلطاني نسبة إلى نابليون الثالث، وهو المدرسة التي تعني بالثقافة الفرنسية والعربية معا. فهل كان ابن سديرة من أبناء العسكريين الجزائريين، وهل كانت له صلة بعائلة ابن قانة فرشحته لدخول المدرسة المذكورة؟ إن في الرسائل التي سنذكر بعضها ما يدل على هذه الصلة بين ابن سديرة وعائلة ابن قانة.

لقد كانت المدرسة مفتوحة أيضا لبعض التلاميذ الآخرين. وكانت تقبلهم في نظام داخلي محكم، وتصرف عليهم صرفا كاملا أو جزئيا، حسب الوضع العائلي وإخلاص الآباء للقضية الفرنسية. ومتى دخل ابن سديرة هذه المدرسة؟ إن مدة الدراسة فيها حوالي ثلاث سنوات. وقد تخرج منها سنة ١٨٦٣. وهي سنة هامة في تاريخ الجزائر إذ قرر نابليون عندئذ أن يغير بنية المجتمع، فاعترف بالملكية الجماعية التقليدية للقبائل والأعراش على أن تحصى بعد ذلك الأراضي وتحد حدودها ثم توزع توزيعا فرديا، وتنشأ بعد ذلك الملكية الفردية لتسهيل مهمة انتزاع الأراضي من أيدي أصحابها (قانونيا) (١). ولم يحضر ابن سديرة الشروع في تطبيق ذلك القانون ولا ثورة أولاد سيدي الشيخ التي حدثت سنة ١٨٦٤، فقد سافر إلى فرنسا لمواصلة دراسته في فرساي حيث مدرسة تكوين المعلمين. وقضى في هذه المدرسة سنتين بنفقة كاملة من وزير الحربية الذي يشرف على شؤون الجزائر. وفي نهاية السنة الأولى أظهر ابن سديرة تفوقه في الدراسة فأرسل مدير المدرسة رسالة إلى الحاكم العام بالجزائر أشاد فيها بنبوغ ابن سديرة، وطلب من الحاكم إرسال النجباء من أمثاله إلى مدرسة فرساي (٢).

وفي نهاية السنة الثانية (آخر يوليو) حصل ابن سديرة على الإجازة أو


(١) درسنا قانون ١٨٦٣ وعواقبه في الحركة الوطنية، ج ١.
(٢) المبشر، ٢٢ غشت، ١٨٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>