للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاة الفرنسيين محل القضاة المسلمين، في المناطق التي سميت بالبربرية. ومنها إحداث قسمين (عربي وبربري) في المجلس النيابي بالعاصمة سنة ١٨٩٨، وهكذا (١). أما الكنيسة فقد ذهبت تنشط برجالها ونسائها البيض في الجبال والصحارى بحثا عن الضحايا وضعاف الإيمان، حسب رأيها، لكي تنشر بينهم العلاج الطبي ومبادئ اللغة الفرنسية وبعض الصنائع. وبذلك تهيأ الجو لفهم ودراسة البربرية، والمقصود بها عندئذ لهجة زواوة? القبائلية.

يقول رينيه باصيه الذي تخصص بعد وصوله إلى الجزائر سنة ١٨٨٠ في تعلم وتعليم البربرية: إن الاهتمام بلهجاتها ودراستها بدأ منذ حوالي التسعينات. وأخبرنا أن الحكومة وكذلك أكاديمية الآداب والفنون الفرنسية قد شجعت على ذلك ورصدت له الجوائز. ومن جهة أخرى خصصت مؤسسة قارنييه Garnier أموالا لبعثة دراسية للهجة زناقة (صنهاجة) بالسينيغال. وبعد أن ذكرنا باصيه بأعمال هانوتو عن لهجة وشعر ونحو زواوة، قال إن (المجلة الآسيوية) فتحت صفحاتها لأعمال تكمل ما بدأه هانوتو. ثم توالت الدراسات للهجات البربرية الصحراوية في الجزائر والمغرب وليبيا أيضا. وقد قامت الحكومة نفسها بنشر القاموس الذي تركه الراهب، شارل دي فوكو، حول لهجة الهقار (القاموس الهقاري - الفرنسي)، وبنشر عمله أيضا في النحو التارقي (٢).

ثم تضاعفت الدراسات البربرية، لغة ومجتمعا، بإنشاء عدة كراس لها في مدرسة اللغات الشرقية بباريس وفي المعهد الذي أنشأه المارشال ليوطي في الرباط تحت عنوان المعهد العالي للدراسات المغربية، كذلك استحدث في المغرب مشروع الأرشيف البربري في مقابل الأرشيف المغربي الذي بدأ في باريس سنة ١٩٠٦. وبدعم من حكومة الحماية في المغرب نشرت أعمال عن اللهجات الشلحية والبرابر ولهجة النتيفة.


(١) انظر فصل مذاهب وتيارات.
(٢) رينيه باصية (تقرير عن جهود فرنسا) في (المجلة الآسيوية)، ١٩٢٠، ص ٩٣. وكان باصية هو الذي أشرف على إعداد ما تركه دي فوكو من أوراق للنشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>