للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزواوي باستعمال (الخزعبلات والسفسطات) (١)

ويروى ديارمي أنه أراد أن يختبر غيرة أحد الجزائريين المتعلمين بالعربية فقال له: إن الفرنسيين قد تخلوا عن اللاتينية ... فرد عليه ذلك (الطالب) الجزائري قائان: إن الفرنسيين لم يكونوا يقاومون احتلالا أجنبيا. ثم حاجج ديبارمي طالبا آخر في استحالة نشر اللغة العربية (التي يسميها ديبارمي (لغة قريش) (تبعيدا لها عن الجزائريين) فاخبره هذا الطالب أن معجزة الاستقلال تتحقق عن طريق الدين الحق والعقيدة الوطنية. فاستنتج ديبارمي من هذا الرأي أنه يمثل خلاصة الوضع اللغوي وطموحاته في الجزائر، وهو ما يسميه برد الفعل اللغوي (٢).

ولقد لعبت الصحافة والنوادي الجديدة دورا بارزا من أجل تثبيت اللغة العربية الفصحى. واتفقت في ذلك صحافة الحركة الإصلاحية وصحافة الطرق الصوفية والصحافة المستقلة. فأغلبها قد أيد نشر التعليم بالعربية الفصحى. ويصف ديبارمي دور الصحف والنوادي بأنه ليس قيادة الرأي العام فقط ولكن إنشاء (لغة المستقبل)، وهي حسب تعبيره، (لغة قريش القديمة)، أو (اللغة المقدسة). وكان هدف هذه الصحافة هو تطوير اللغة العربية وتطويعها وجعلها مناسبة لشروط الحياة العصرية. إن الصحافة كانت تعطي درسا يوميا للشعب عن اللغة الوطنية. وكانت هذه الجرائد تتوقف من وقت لآخر لعدم وجود القراء - ولم يقل ديبارمي بسبب المنع الإداري? ولكن سرعان ما تظهر صحف أخرى تعوضها وتواصل الهجوم على الجهل. ويقول ديبارمي في شيء من السخرية والمرارة أيضا إن أبطال هذه الصحف يملأون دائما حفر أجداثهم، عارفين أن تضحياتهم لن تذهب أبدا سدى (٣). إن المسألة اللغوية قضية حياة أو موت للشعوب المغاربية، حسب الجرائد الجزائرية. وهي شعوب، كما يقول ديبارمي، متفقة على ذلك. وقد جعلتها


(١) جريدة (الإصلاح) ٢٨ نوفمبر ١٩٤٧.
(٢) ديبارمي، مرجع سابق، ص ٣٣.
(٣) نفس المصدر، ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>