للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلموه من يد إلى يد في الأمن والأمان، وقد كتب كتابه الهام في وقته عن الطوارق و (اكتشاف) الصحراء، وكشف فيه بالخصوص عن أهمية بعض الطرق الصوفية في الجنوب كالتجانية والسنوسية والطيبية والقادرية والبكائية والشيخية، وكان هو في حماية التجانية خلال معظم رحلته، ويقسم دوفيرييه الطرق إلى عدوة وصديقة، بعد أن (كشف) عن أهمية النوعين في التنظيم والنفوذ، وهو يوصي بأن تسلك فرنسا طريق اللين والكرم مع الطرف الصديقة حتى تستفيد من تأثيرها، وأن تحتاط وتستعد ضد الطرق العدوة التي تعمل على إخراج فرنسا من الجزائر بواسطة أتباعها ونظمها وأشرافها.

وتتويجا لهذه الدراسات المتفرقة قام لويس رين بوضع كتاب شامل وإحصائي لمن سماهم (المرابطون والإخوان) وأخرجه سنة ١٨٨٤ (١). ورين من الخبراء البارزين في الإدارة الأهلية الفرنسية، فهو ضابط تقلب في مختلف الوظائف في الجزائر، فعرف القبيلة والمسجد والزاوية وسكان المدن وسكان الريف، وعرف نبلاء السيف ونبلاء السبحة والعلم، وقد ألف في مختلف الموضوعات التي تهم الحياة الجزائرية القبلية والدينية والاجتماعية والثورات، ولكي يؤلف كتابه عن المرابطين والإخوان لجأ إلى التقارير الرسمية التي تصل إلى الإدارة المركزية تباعا من المكاتب العربية والولايات، سواء منها التقارير السرية أو العادية، ثم استعمل نفوذه كضابط مسؤول في الإدارة العامة فطلب تقارير من مختلف الشيوخ والمقدمين عن حالتهم صاحصاء أتباعهم وأصولهم النسبية والدينية وعلاقاتهم، وأضاف إلى ذلك مراسلاته مع شيوخ المغرب وتونس، وتقارير القناصل الفرنسيين في مختلف البلاد الإسلامية، وقد خرج من كل ذلك بآراء سنتوقف عندها بعد قليل.

أما آخر الدراسات العامة عن الطرق الصوفية فهي التي قام بها الكاتبان: أوكتاف ديبون وايكزافييه كوبولاني في آخر القرن. وقد


(١) لا بد من الإشارة إلى دراسة هانوتو ولوتورنو عن دور الطرق الصوفية في زواوة خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وقد اهتم بنفس الطرق أيضا ايميل ماسكري في الفترة ذاتها تقريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>