للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جندت لها حكومة جول كامبون إمكاناتها في البحث والتمويل، وكان المؤلفان مسؤولين إداريين أيضا، فهما خبيران بالشؤون الأهلية وتطور الحياة الجزائرية في عهد الجمهورية الثالثة وفي ضوء سياسة الجامعة الإسلامية التي تبناها السلطان عبد الحميد من جهة ومصالح فرنسا السياسية في العالم الإسلامي من جهة أخرى، كما أن هذه الدراسة قد جاءت في وقت كانت فيه فرنسا تحاول ربط مستعمراتها في غرب افريقية وأفريقية الوسطى بشمال أفريقية، لذلك كانت دراسة الطرق الصوفية العاملة هنا وهناك مسألة حيوية بالنسبة للسلطات الفرنسية، وقد تجندت هنا أيضا التقارير الإدارية، وتقارير القناصل الفرنسيين في البلدان الإسلامية، وتقارير شيوخ الزوايا أنفسهم، لخدمة هذا المشروع، وحين انتهى المؤلفان من عملهما قامت الحكومة العامة بطبعه على نفقتها، وقد تضمن آراء وتوصيات جديرة بالمناقشة، وظل بعضها يتحكم في السياسة الفرنسية نحو الطرق الصوفية ونحو العالم الإسلامي لفترة طويلة، وسنحاول أيضا أن نتوقف عند بعض الآراء والتوصيات لنفهم منها تعامل الفرنسيين مع الجزائريين عموما والطرق الصوفية خصوصا.

لقد ظهرت بعد ذلك عدة دراسات أخرى للطرق الصوفية ولكنها لم تأت في شكل شامل مثل عمل رين وديبون وكوبولاني، ذلك أن الإدارة الفرنسية قامت، بعد حوالي عشر سنوات من نشر الكتاب الأخير، بتوجيه خبرائها إلى دراسة الظاهرة الإسلامية من جديد، فكانت دراسة الاسكندر جولي، ودراسة هنري قارو، ودراسة أدمون دوتيه، وأضرابهم عشية الحرب العالمية الأولى، ثم دراسة أوكست كور خلال الحرب، وظهرت في نفس الفترة (مجلة العالم الإسلامي) التي تولى رئاستها الضابط المختص في الشؤون الإسلامية، ألفريد لوشاتلييه الذي سبق له إصدار كتاب عن الطرق الصوفية في الحجاز (١٨٨٧). وكان قبل ذلك مديرا للمكتب العربي في ورقلة، وعن طريق هذا المكتب عرف نشاط ودور الطرق الصوفية في الجنوب، كانت المجلة صورة لتوجه السياسة الفرنسية الاسلامية نحو المشرق

<<  <  ج: ص:  >  >>