طلبة حزب الشعب النشطين في تونس قبل الثورة وطلبة جبهة التحرير الفاعلين أثناء الثورة، وقد اعتقل وسجن أثناء الثورة قبل استقلال تونس، ونشر بعض أعماله الفكرية والنقدية في جرائد تونس قبل رحيله إلى القاهرة، وأثناء وجوده في تونس والقاهرة كتب فصولا في شكل رسومات (كما عبر عنها) أو يوميات وقصصا ورسائل وتأملات فلسفية بين ١٩٥٤ و ١٩٦٢، وسجل مع بعضها مكان الكتابة وهو تونس، والباقي سكت عنه، والغاب أنه كتبه في القاهرة، استعمل الجنيدي الأسلوب الفلسفي وطرق مواضيع تتصل بالثورة كتهريب السلاح ودور الطلبة وحياتهم أثناءها والتفجيرات الذرية الفرنسية في الصحراء الجزائرية التي أعطاها عنوانا هو (خلاصة علمية)، وبعض هذه المواضيع نشره في مجلة الآداب البيروتية مثل رسالة من سجين جزائري (١٩٥٨)، وتمثال الحقد (١٩٦٢)، كما نشر في مجلة الفكر التونسية (١٩٥٩).
يقول الجنيدي عن عمله إنه كتبه في شكل يوميات ليست بصيغة الماضي بعد أن فصلت بينه وبين هذا الماضي حقبة طويلة، ومناسبة هذه اليوميات كانت إحدى السهرات بين الراوي - وهو المؤلف - وصديق قديم له، بدأها يوم أول نوفمبر ١٩٥٤ حين دخوله الامتحان في تونس وكيف فوجى بخبر الثورة في الجزائر على صفحات إحدى الجرائد بعد أن طال العهد على ترديد الناس مقولة تقول إن هناك شيئا ما سيحدث في الجزائر، وها قد حدث، وعاش الراوي ردود الفعل الآنية واللاحقة لدى الشباب وهم يتهيأون للانضمام إلى الثورة لأنها قد أرجعت لهم شيئا مفقودا منذ أجيال وهو الكرامة، وتوالت اليوميات في أسلوب قصصي مباشر، وروى فيها كيف التحق بالحرب وكيف تردد بين تونس والمشرق للدراسة، إن أجزاء هامة من كتاب (من وحي الثورة الجزائرية) متصلة اتصالا مباشرا بالثورة، وقد صاغها مؤلفها كما قلنا صياغة فلسفية، ولذلك أدرجناها هنا (١).
(١) من وحي الثورة ... دار الثقافة، بيروت، ١٩٦٣، وكذلك دراستنا عن هذا الكتاب في كتابنا منطلقات فكرية، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط، ٣، ٢٠٠٥، من مؤلفات =