للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٤٨. لقد أصبحت إدارة الدومين هي التي تتولى جميع الأملاك الدينية الإسلامية. وقد لاحظ أوميرا أن هناك فارقا وحيدا بين تحصيل المداخيل في السابق وتحصيلها بعد (المصادرة)، وهذا الفارق هو أن التحصيل لم يعد لفائدة ميزانية كولونيالية ولكن لفائدة ميزانية محلية أو بلدية.

والغريب أن هذه المصادرة كانت بدون تعويض رغم كثرة المتعلقين بالمعالم الدينية المصادرة، ورغم القوانين الفرنسية نفسها التي نصت على التعويض في حالة استعمال البناء للصالح العام. ولم تكن المعالم مجرد ملك خاص للوكيل ولكنها كانت ملكا مشاعا للمسلمين بمن فيهم ورثة الوكيل أو ورثة المحبس. وقد قيل إن الإدارة الفرنسية حين استولت على هذه المعالم قد تكفلت أيضا بالتعليم والمساعدات الاجتماعية والصيانة والشؤون الدينية الخ. ولكننا سنرى أن التعليم كان قد أهمل تماما في هذه الأثناء، وأن الوكلاء والفقراء قد ازدادوا فقرا على فقر، وأن المساجد والمعالم عموما قد أخذت تنهار من الإهمال وعدم الصيانة. فأين إذن المصاريف التي كانت تأتي من أوقاف المعالم المذكورة؟ لقد لاحظ أوميرا أن المصارف كانت قبل المصادرة دون المداخيل، أي أن الوكلاء قد عاشوا في شيء من النعمة من فائض المصاريف بين ١٨٣٠ - ١٨٤٨.

ولكن بعض الوكلاء كانوا قد افتقروا أيضا خلال نفس المدة. فبعد أن كان بعضهم في نعمة نسبية، اضطربت أحوالهم مرات عديدة، وكان على الكثير منهم البحث عن وسائل أخرى للعيش. وكان كثير منهم أيضا قد وجد نفسه بدون عمل ولا مورد للعيش بعد هدم البناية الدينية التابعة له، أو بعد دخولها في الطريق العام أو استعمالها للمصالح العسكرية وغيرها. ذلك أن المحسنين لا يقدمون لهم الحسنات والصدقات عندما يصبح الجامع كنيسة أو ثكنة أو مخزنا أو طريقا أو ساحة عمومية. وإذا كان عليهم أن يحصلوا أجور الدكاكين والمنازل ويعيشون منها، فقد وجدوها الآن قد خضعت للتعطيل والتحويل والبيع والهدم أيضا، وقد يؤدي هدم المسجد إلى هدم الدكاكين من

<<  <  ج: ص:  >  >>