للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاميل صاباتييه، صاحب مشروع فصل (القبائل) في المعاملة عن بقية السكان. كما ميز الفرنسيون بعض القبائل بعدم دفع قسط من الضرائب المطلوبة على كل الأهالي. وكان ذلك كله يشكل محاولة لما سمي بالسياسة القبائلية - الفرنسية.

والواقع أنه منذ ١٨٩٦ كتب الباحث المشهور في وقته بول لوروى بوليو قائلا: لو كان كل سكان الجزائر من غير الأوروبيين زواويين (قبائل) لأمكننا القول بأن المسألة الجزائرية ستحل بسهولة. وفي نظره أن القبائل لا يختلفون عن الأوروبيين إلا في مسألة الدين. والدين في نظره لا يؤثر في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، ومن ثمة فإن شروط الإنتاج والتطور هي هي عند الزواويين وعند الفرنسيين. (ثم ذكر نفس الظواهر والمميزات التي نسبها وارنييه ومدرسته للبربر عموما) (١). وقد ذكرنا من قبل آراء كاميل صاباتييه، فلا نرجع إليها هنا. وأما أندري سيرفييه فقد تحمس لموضوع فصل سكان زواوة أوائل هذا القرن أيضا. وكان صحفيا في جريدة (لاديباش) بقسنطينة، متكلما باسم الكولون، كما كان لائكي العقيدة وماسونيا. وقد رحب سيرفييه بالهجرة الزواوية نحو فرنسا بدلا من الشام. وطالب بتشجيعها وإعطائها الأولوية (لتحطيم الكتلة الإسلامية الجزائرية) حسب تعبيره، كما طالب بربط الصلات بين سكان زواوة وسكان فرنسا. وقال سرفييه بكل صراحة: (علينا أن نقسم المعسكر الأهلي أو الكتلة الأهلية كلما أمكننا ذلك، من أجل عزل العناصر السكانية بعضها عن بعض) (٢).

ومن جهة أخرى دعا سيرفييه إلى ضرورة تنشيط الآباء البيض في منطقة زواوة. وعنده أن البربر مؤهلون لاعتناق المسيحية، بدليل أنهم حافظوا على تركة مسيحية ولاتينية من ماضيهم (؟). ولما كان سيرفييه من الماسونيين، فقد آمن بالفلسفة المسيحية التي اعتبرها هي الدين الجيد للزواوة، (بل هي


(١) بول بوليو (عن الاستعمار)، ١٩٠٢، ط ٥ ص ٤٦٠.
(٢) آجرون (الجزائريون المسلمون وفرنسا)، ج ٢/ ٨٨٧ نقلا عن جريدة (لاديباش) ٣٠ يناير ١٩١٤. وكان سكان زواوة منذ الاحتلال يتجهون في هجرتهم إلى بلاد الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>