للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيمة العلمية للمدرسة والزاوية فإن سلطات الاحتلال الفرنسي قد أعطتهما سنة ١٢٤٩ (١٨٣٣) إلى أحد الأوروبيين فحولهما إلى حمام فرنسي (١).

وقد كانت قسنطينة من أكثر المدن عناية بالمؤسسات العلمية وذلك لاستقرارها السياسي نسبيا ولقربها من تونس. ونود أن ننوه هنا بالمدرسة الكتانية التي أنشأها صالح باي والتي خصص لها أوقافا كبيرة شملت الأساتذة والطلبة. فقد كان المدرس بها يأخذ ثلاثين ريالا والطاب الداخلي يأخذ ستة ريالات (وعددهم ثمانية طلاب). وكان لهذه المدرسة، التي تنشر تعليما في مستوى الثانوي والعالي، نظام داخلي دقيق يضبط أوقات التدريس والتغيبات وعدد أحزاب القرآن المتلوة كل يوم، وشروط الإقامة في المدرسة. وقد أشاد بعضهم بهذه المدرسة ونظامها حتى قارنها بمدارس فرنسا العليا المعاصرة له (٢). وقدر لهذه المدرسة أن تلعب دورا في الحياة الثقافية في الجزائر حتى في العهد الفرنسي (٣). وهي ما تزال قائمة إلى اليوم.

ومن أشهر المدارس في غير العواصم مدرسة الخنقة ومدرسة مازونة. وتنسب مدرسة الخنقة إلى مؤسمها (سنة ١١٧١) أحمد بن ناصر، لذلك تسمى بالناصرية. وقد اشتهرت بعلوم النحو والفقه والحديث. وكانت مقصد طلبة الزيبان ووادي سوف والأوراس وحتى قسنطينة وعنابة. وقد ترك لنا الورتلاني وصفا لهذه المدرسة والعلوم التي اشتهرت بها ومناقشاته مع علمائه (٤). ومن خريجي مدرسة الخنقة أحمد التليلي وخليفة بن حسن


(١) ديفوكس (المجلة الإفريقية)، ١٨٦٦، ٣٨١، وكذلك سنة ١٨٦٧، ٤٩.
(٢) نقل ذلك أحمد توفيق المدني (محمد عثمان باشا) ١٥٣، عن فايسات.
(٣) انظر كتابي (محمد الشاذلي القسنطيني)، الجزائر، ١٩٧٤ ط ٢، ١٩٨٥.
(٤) الورتلاني (الرحلة) ١١٧. انظر عنها أيضا (نشرة أكاديمية هيبون) ١٨٨٥، ٤٣. ومؤسسها هو أحمد بن ناصر بن محمد بن الطيب. وهو الذي بنى المدرسة والجامع والقبة والدمس من ماله الذي قدر بـ ٨١١٢ سلطاني ذهبا. والظاهر أن ذلك كان تجديدا فقط لأننا عرفنا أن هذه المؤسسة تعود إلى سنة ١١٤٧ على الأقل. انظر أيضا مقالتي (زيارة لختفة سيدي ناجي) في مجلة (سيرتا)، مايو، ١٩٨٠، ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>