للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٨ م)، كما سبق. وكان الحاج محمد خوجة يملك كثيرا من العقارات فقرر وقفها على بناء (مدرسة عليا) تحتوي على خمس غرف لسكنى الطلبة ورجال العلم، وعلى مسجد للصلوات الخمس يؤديها الطلبة والعلماء وبقية المسلمين، وعلى مطهرة للطلبة وغيرهم، وعلى بئر للشرب والتطهر. وقد نصت الوقفية على تخصيص مبالغ مالية لأستاذ المدرسة والطلبة المقيمين فيها واشترط في الأستاذ أن يكون ماهرا في العلوم النظرية والعملية (أو المعقولة والمنقولة) والأدب والمنطق. وإذا لم يوجد من تتوفر فيه كل هذه العلوم (وقلما تتوفر طبعا) فأستاذ يحسن بعضها. وما دامت هذه المدرسة قد تأسست في أواخر العهد العثماني فلا نتوقع أنها قد لعبت دورا هاما في نشر التعليم، رغم أن تعليمها كان في مستوى الثانوي والعالي (١).

ويكاد الجامع الكبير بالعاصمة ومدرسته العليا يشكلان نواة لجامعة في الجزائر. ففي الجامع كانت الدروس كثيرة يقوم بها أبرز العلماء، وكانت حلقات الدروس فيه تصل إلى الاثني عشرة حلقة. وقد ذكرنا من أشهر مدرسيه سعيد قدورة وعلي الأنصاري وأحمد بن عمار ومحمد قدورة وعلي بن الأمين ومحمد بن الشاهد. كما كان ضيوف العلماء المسلمين يلقون فيه الدروس ويتتلمذون فيه على علماء الجزائر. وكانت للجامع الكبير أوقاف ضخمة تمكن بها المفتي سعيد قدورة من إنشاء مدرسة عليا أيضا تابعة للجامع وكذلك زاوية لسكنى الطلبة وغرباء العلماء. وقد كلف هذا المشروع خمسة عشر ألف دينار جزائري بعملة ذلك الوقت، وكلها قد دفعت من أوقاف الجامع. وكان عدد الأساتذة الذين يلقون الدروس بالجامع والمدرسة تسعة عشر أستاذا، بالإضافة إلى عدد من المسمعين (أو المساعدين) ونحوهم. وهذا بدون الأساتذة الذين يقرأون صحيح البخاري (٢). ورغم


(١) نفس المصدر، ٢٨٢.
(٢) عن قراء صحيح البخاري من العلماء وطريقتهم في عهد ابن حمادوش انظر رحلته (لسان المقال) مخطوطة، وكذلك دراستي عنه في كتاب (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر). و (شرح الحلفاوي) للجامعي، مخطوط باريس رقم ٥١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>