للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضم مكتبة ومتحفا في نفس الوقت. فقد روى ابن صعد في (النجم الثاقب) أن زاوية إبراهيم التازي بوهران كانت تحتوي على (الخزائن المملوءة بالكتب العلمية وآلات الجهاد) (١).

١ - ومع ضغط الإسبان على أهل الأندلس كثرت هجرة الكتب إلى الجزائر مع هجرة أهلها. فقد روى التمغروطي في أواخر القرن العاشر (١٦ م) أن مدينة الجزائر كانت كثيرة الكتب وأنه لا يضاهيها بلد في ذلك من بلدان إفريقية، ولا سيما كتب الأندلس. وهذه هي عبارته (والكتب فيها (مدينة الجزائر) أوجد من غيرها من بلاد إفريقية، وتوجد فيها كتب الأندلس كثيرا) (٢).

وتشهد عبارات الباحثين الفرنسيين الذين شاهدوا وجمعوا المخطوطات من مكتبات المدن الجزائرية غداة الاحتلال أنهم كانوا مندهشين من كثرة الكتب التي وجدوها ومن تنوعها ومن جمالها والعناية بها. فقد اعترف بذلك البارون ديسلان الذي كتب تقريرا عن المكتبات بقسنطينة عقب احتلالها مباشرة، وكذلك أدريان بيربروجر الذي رافق الحملة الفرنسية على قسنطينة وتلمسان ومعسكر، وجمع المخطوطات من هذه المدن. وقد ذكر أيضا شارل فيرو الذي كتب عن المؤمسات الدينية في قسنطينة وعن العائلات الكبيرة بها، إن بعض هذه المؤمسات والعائلات كانت تحتفظ بمخازن من المخطوطات في حالة جيدة، وأن في هذه المخطوطات نوادر تعتبر فذة في موضوعها. وضرب على ذلك مثلا بمكتبة شيخ الإسلام بقسنطينة (عائلة الفكون) التي قال عنها إنها كانت غنية لا بالكتب الخاصة بالجزائر فقط، بل


(١) ابن صعد (النجم الثاقب)، مخطوط، ٢٠. كان أصحاب الكتب والعلماء يخشون على تلف كتبهم من الغارات الأجنبية فكانوا أول ما يفكرون فيه إذا وقعت غارة أو توقعوها هو تهريب الكتب إلى أماكن أخرى. انظر بهذا الصدد رسالة الثعالبي في الجهاد في كتابي (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر) فقد استنصحه أحد تلاميذه في زواوة بتهريب كتبه فنصحه الثعالبي بذلك.
(٢) التمغروطي (النفحة المسكية)، ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>