للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى بالكتب المتعلقة بالبلاد الإسلامية المجاورة (١). وكان يريد بذلك أن يبرهن على وجود الكتب بالجزائر وتذوق الفنون والعلوم من قبل أهلها، رغم عدم عناية العثمانيين بالثقافة.

وكانت مصادر الكتب متنوعة. فبالإضافة إلى الأندلس التي أشرنا إليها والتي كانت تغذي المكتبات الجزائرية الخاصة والعامة، هناك البلدان الإسلامية الأخرى. فقد روى العياشي في القرن الحادي عشر (١٧ م) أنه شاهد بتكورارن (؟) بأعماق الصحراء مكتبة غنية يملكها الشيخ محمد بن إسماعيل وكانت تبلغ ألفا وخمسمائة كتاب. ويهمنا من قصة هذه المكتبة هنا أن العياشي قال (وهي كتب نفيسة جدا اقتنى ابن إسماعيل أكثرها لما كان بمدينة إسطانبول) (٢). وكان الشيخ محمد بن إسماعيل قد درس بالأزهر وجاور بمكة والمدينة وزار اليمن والسودان والعراق والمغرب الأقصى وتونس وطرابلس وإسطانبول. وسنعود إلى الحديث عن مكتبته بعد قليل. وكانت الكتب تنتقل مع الحجاج والعلماء إلى الأماكن البعيدة. فقد روى العياشي أيضا أنه شاهد وهو في قرية يقال لها (والي؟) بالقرب من ورقلة في روضة أحد الصالحين هناك نسخة من (نوازل البرزلي) بخط الإمام ابن مرزوق وعليها إضافات بخط مشرقي لأتباع الطريقة القادرية (٣). وإذا كان العياشي قد تعجب من وصول هذا الكتاب إلى هذه القرية النائية فإن عجبنا نحن يكون أكثر من عجبه لا من وصول المخطوطات إلى تلك النواحي القاصية ولكن من تسرب الأفكار والمذاهب والطرق الصوفية أيضا إلى هناك.

وكانت الكتب تصل إلى الجزائر من مصر والحجاز أيضا. فقد روى المؤرخ الجبرتي أن والده قد ذكر له أنه ورد عليهم في مصر سنة ١١٩٦ بعض الحجاج الجزائريين وسألوه عن كتب يشترونها، ومن بينها (زيج الراصد)


(١) فيرو (كتاب العدواني) في مجلة (روكاي) ١٨٦٨.
(٢) العياشي (الرحلة) ١/ ٤١.
(٣) نفس المصدر، ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>