والتصنع، ومن آخر أعماله (نماذج بشرية) الذي صدر في تونس عن كتاب البعث، وجاء بعده قصاصون شباب أمثال عبد الحميد بن هدوقة والطاهر وطار وعثمان سعدي وأبو العيد دودو، وما يزال هؤلاء لم يحددوا تياراتهم الفكرية بعد، فمنهم من ينحو نحو الثورية الواقعية كسعدي ومن اختار الذاتية كوطار.
ومن الواضح أن الركيبي يدعو إلى القصة الواقعية، (يجب أن تتجه (القصة) اتجاها ثوريا في التعبير والمضمون، في الشكل والمحتوى لأن الواقع يفرض هذا الاتجاه علينا) كما تفرضه القصة نفسها باعتبارها أداة للتعبير عن التجارب الشخصية، وقد أطال الركيبي في مدح الاتجاه الواقعي والقدح في الاتجاه الرومانسي أو الذاتي الذي يعتبره غير ثوري، ولأن رسالة القصة في نظره رسالة إنسانية، تفتح العيون على عالم الخير والحق والجمال، وتبعث الأمل والحياة، وقد صنف الركيبي قصصه في نفوس ثائرة بأنها قصص واقعية، بل من صميم الواقع و (واقع شعب في حرب دخل السنة الثامنة من كفاحه من أجل الحرية والكرامة الإنسانية).
تحتوي المجموعة على إحدى عشر قصة هي: نوارة الصغيرة، وجود. ولكن، راعي الغنم، في المغارة، قصة لم تتم، وجد نفسه، اختار الطريق، الإنسان والجبل، صرخة في الليل، الواد الكبير، إلى البئر، وهناك قيم وخصائص مشتركة بين هذه القصص وهي كونها تعبر عن حياة منطقة أهل بسكرة، ومنهم المؤلف، فحياته الريفية واضحة في عدد من القصص، أما القيمة الأخرى المشتركة بين القصص فهي أنها - كما يقول المؤلف - قصص تعبر عن الواقع الثوري الذي تعيشه الجزائر، وهو واقع جديد طالما انتظره الشعب، وقد اتضحت أمامه معالم الطريق، طريق الحرية والاستقلال، والملاحظ أن القصص نشرت عشية الاستفتاء على الاستقلال وبعد وقف إطلاق النار (١).