وتحدث فيها أيضا عن (القصة القعيرة الجزائرية وأثر الثورة فيها)، ومن رأيه أن القصة تطورت إلى أن وصلت إلى مرحلة النضج أو مرحلة الواقعية الثورية التي يبدو أن الركيبي من أنصارها، على الأقل عندما كتب بحثه، فقد نشأت القصة أواخر العقد الثالث من القرن العشرين، ولا نعرف من الذي دشن هذا العهد الحاسم في حياة فن هام من فنون الأدب الجزائري، غير أن هناك دواعي دفعت إلى اختيار هذا اللون من الأدب، منها السياسي ويعني به الاحتفال بمرور مائة سنة على الاحتلال، والوطني ويعني به ظهور الحركة الإصلاحية على يد ابن باديس ورفاقه العلماء، كما كان للإحساس بانتماء الجزائر العربي (العروبي) دور في دخول ميدان الواقعية، ومن رأى الركيبي أن وجود الازدواجية اللغوية
في الجزائر قد عجل بظهور القصة العربية، كما أن الصراع بين الاستعمار والثقافة القومية (الإسلام واللغة العربية) كان له دور في التعجيل بظهور هذا اللون الأدبي الجديد.
لقد ظهرت القصة عندئذ على يد أعضاء من الحركة الإصلاحية، ولكنها لم تظهر في شكل متكامل، بل ظهرت أولا في شكل مقالة أدبية أو اجتماعية فيها بذور القصة أو الحكاية، ثم تطورت إلى شكل لوحة أو صورة يطبع فيها القصاص فكرته بالقلم المصور للواقع دون تكلف ولا مراعاة للأصول والقواعد، فهذه الألوان كانت تمثل ما يشبه القصة ولكنها ليست قصة لها مقوماتها وأركانها وشخوصها، لقد كان اهتمام الأدباء عندئذ منصبا على الشعر وليس على القصة أو حتى المقالة السيارة أو الخبرية فما بالك بالقصة الفنية، وقد شجع الاتصال بالمشرق العربي عن طريق زيارته والدراسة فيه وقراءة أدبه في المجلات الشهيرة وتتبع معاركه القلمية - شجع على اكتشاف الجزائريين للقصة فدخلت حياتهم الأدبية ولكن بالتدرج.
من رواد هذه المرحلة المبكرة (أو المتأخرة بالنسبة للقصة في أوروبا والمشرق العربي) محمد بن العابد الجلالي، وأحمد رضا حوحو وعبد المجيد الشافعي والحفناوي هالي وأحمد بن عاشور والهاشمي التجاني ومحمد الشريف