الحسيني، فهؤلاء الكتاب هم الذين مهدوا - حسب الركيبي - لظهور القصة الفنية وتمثلوا علل الشعب وأمراضه الاجتماعية.
ويبدو أن هذا العهد قد طال، فتحن نجد الركيبي لا يذكر مرحلة أخرى بعده إلا أوائل الخمسينات من القرن العشرين أي أن المرحلة الأولى قد استغرقت ثلاثة عقود تقريبا، لأن الأسماء التي ذكرها كلها تقريبا أعطت ما عندها خلال هذه العقود.
أما خلال الخمسينات، وبالخصوص منذ بداية الثورة، فقد ظهر تيار رومانسي جديد شمل الشعر والقصة وبعض الألوان الأدبية الأخرى، ولكنه ما لبث أن ترك الساحة إلى تيار جديد، وهو التيار الواقعي، وخصوصا منذ اندلاع الثورة التحريرية، وهكذا فإن الفضل في رأي الركيبي في ظهور القصة الفنية الواقعية يرجع إلى الثورة التي أحدثت طفرة ونقلت القصة من الموضوعات (المادية المستهلكة إلى المضامين الثورية المعبرة عن الواقع الجديد،) ولا ندري ما المقصود بالمادية هنا؟ وعلى كل حال فإنه في هذه المرحلة استكملت القصة أدواتها وأشكالها وعناصرها الفنية، فاهتمت بالإنسان ونضاله ضد قوى الشر وأصبح لها رسالة إنسانية ووطنية واضحة، وقد حقق القصاص الجديد هذا الهدف عن طريق (الفن المهموس لا بالصراخ، وبالإيحاء لا بالتصرح ....) وببساطة أصبح الجبل بطلا رئيسيا في قصص الثورة، ينطق وينفعل وليس مجرد حجارة صماء.
ولعل الركيبي يشير بالواقعية الجديدة إلى الظاهرة الأدبية التي شاعت في الخمسينات في الأدب الاشتراكي أو التقدمي، وهي ظاهرة الالتزام، ومن ثمة تناولت القصة العربية الجزائرية موضوعات مثل: الاغتراب، والهجرة، والقهر الاستعماري، وصورت معاناة الفلاحين ومشاركة المرأة في الحياة العامة، كما تناولت الجندي الذي فر من جيش العدو إلى جيش التحرير الوطني، ونحوها من الموضوعات الجديدة، كما تبلورت في هذه القصة مفاهيم الوطنية والفداء