الصمت من جانب النقاد المعاصرين. ولو عاش جلواح أحداث ٨ ماي ١٩٤٥ وما بعدها لعرف أن مصير الجزائر أزهى ما تخيله في لحظة يأس، إن كان حقا قد انتحر. فالرجل كان يعيش مأساة نفسه ومأساة وطنه الصغير والكبير. فقد عبر عن عاطفته الثائرة نحو وديان الجزائر: وادي الرمل ووادي الشلف، وهما رمزان للخصوبة والنماء، وتحدث بلسان الجزائري في إحدى قصائده، كما أن له أخرى خاطب بها الشرق (١).
وقد كان جلواح يعيش هموم نفسه وغيره، حتى أنه كتب عن المسلم الإفريقي في باريس، وذلك من أوائل الحديث عن وضع المهاجر في الغربة، وهو الموضوع الذي شغل المثقفين الذين هاجروا بعد الحرب الثانية إلى فرنسا، مثل محمد ديب، وكاتب ياسين، وإدريس الشرايبي. ولا ندري أين قرأنا نحن أن جلواح قد سجن في باريس، وأن بعض الطلبة قد هاجمه فيها على نوعية أدبه. وكانت البصائر تكتفي بالإشارة إلى كونها اتصلت بمقالات منه دون أن تنشرها. ومع ذلك نجد له بعض المقالات عن نشاط نادي التهذيب الذي كان يديره بباريس وعن الجالية العربية فيها. وقد كانت باريس تشهد زيارات بعض الأعيان العرب، مثل شكيب أرسلان وإحسان الجابري، كما كانت تضم مجموعة من طلبة المغرب العربي، وهم زعماء تونس والمغرب والجزائر مستقبلا. وكان من النشطين فيهم مالك بن نبي وأحمد بن ميلاد ومحمد الفاسي، فأين مكانة جلواح بين هؤلاء؟ وهل تعاون مع الشيخ الفضيل الورتلاني الذي بعثه ابن باديس في نفس المهمة إلى فرنسا سنة ١٩٣٦؟ ولماذا لم يعد جلواح محل ثقة الجمعية؟ والمعروف أن الورتلاني
(١) نشر عبد الله ركيبي دراسة عن شعر جلواح تحت عنوان (الشاعر جلواح من التمرد إلى الانتحار)، الجزائر، ١٩٨٧ (؟). كما نشر عنه بحثا في مجلة (الحياة الثقافية)، تونس، عدد ٣٢، ١٩٨٤، بعنوان (الشاعر جلواح)، ص ٦٤ - ٦٨. ومقالة أخرى في جريدة (الشعب) عدد ٢٧/ ١٢/ ١٩٧٥. واطلعنا بدورنا له على قصائد وأخبار في البصائر في أعداد، وغيرها من الجرائد المعاصرة، انظر أيضا محمد ناصر (الشعر الجزائري الحديث).