لكن فكرة الكوليج العربي/ الفرنسي رجعت سنة ١٥٥٧ على أن يكون في الجزائر وليس في باريس. وكان المارشال راندون هو الحاكم العام عندئذ. وقد احتل الفرنسيون آخر معاقل المقاومة وهي جرجرة والجنوب. ونادي راندون على بيرون ليكون المدير للكوليج فقبل. وكان معاونه هو شارل فيرو، وهو المترجم العسكري الشهير في وقته. وقضى معه أربع سنوات. ولا ندري إن كان بيرون قد أدخل اللغة العربية في الكوليج، ولعل الذي كان يتولى تدريس العامية الجزائرية هو فيرو، لأن الطلبة كانوا مختلطين (عرب وفرنسيون). ومنذ ١٨٦٤ سمي بيرون مفتشا للمدارس الشرعية الثلاث، ولكنه وجد التنقل من أجل ذلك في الأقاليم الثلاثة عسيرا عليه لكبر سنه. فتقاعد سنة ١٨٧٢. وتوفي في ضواحي باريس سنة ١٨٧٦.
لقد كان بيرون من المستشرقين البارزين. ولد ١٧٩٨. وبعد أن أكمل دراسته الاجتماعية مارس التدريس في ثانوية لويس لوقران، واضطره حال أسرته إلى التخلي عن ذلك، واهتم بالطب وتأثر بالحركة السان سيمونية، وأصبح طبيبا، وحضر دروس بيرسوفال في مدرسة اللغة الشرقية، فحذق العربية والفارسية والتركية والجاوية، وقد دعاه كلوت بيه (الفرنسي)، مؤسس مدرسة الطب في مصر، للعمل معه هناك فذهب إلى مصر، وواصل فيها دراسة اللغات العربية. وحاضر في الفيزياء والكيمياء والعلوم الباطنية (الكلينيك الداخلي)، ونشر عدة رسائل بالعربية عن المواد المذكورة. وترجم عدة أعمال، وظل كذلك إلى أن عرضت عليه إدارة الكوليج العربي - الفرنسي في باريس كما ذكرنا. وأثناء وجوده بالجزائر نوه به حسن بن بريهمات كثيرا، ولعله قد تأثر به (١).
والمعروف أن المعهد السلطاني في الجزائر قد أغلقته حكومة
(١) ماسيه (الدراسات العربية ..)، مرجع سابق. انظر أيضا ترجمة حسن بن بريهمات. وعن دور المعهد السلطاني (الكوليج) في التعليم، انظر فصل التعليم الفرنسي والمزدوج.