للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول من تولى كرسي اللغة العربية في مدرسة الآداب هو هوداس، وقد ساعده فيه عالم جزائري عميق المعلومات استفاد منه الاستشراق الفرنسي إلى أقصى الحدود ولم يستفد منه وطنه، وهو بلقاسم بن سديرة (١). وفي نفس السنة ١٨٨٠ حل بالجزائر أستاذ يافع ولكنه طموح، وهو رينيه باصيه، خريج مدرسة اللغات الشرقية الحية، فعهد إليه بتدريس الأدب العربي. وتوطدت العلاقات بين هوداس وباصيه وتوحدت نظرتهما في خدمة الإدارة والاستشراق. وكانت تونس قد احتلت سنة ١٨٨١. فبادر الاثنان برحلة إليها سميت (بعثة علمية) فاطلعا فيها على المخطوطات وأحوال التعليم والحياة الفكرية. ولكن هوداس غادر الجزائر سنة ١٨٨٢ ليتولى كرسي العربية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس، على إثر وفاة شيربونو. وتولى باصيه مكان هوداس في الجزائر. وارتبطت علاقات قوية بين باصيه وابن سديرة، الذي كان، لولا الميز الاستعماري، أولى منه بالكرسي. ولكن باصيه جعل من ابن سديرة ومن زميله عمر (سعيد) بوليفة (٢)، أداتين لإنجاز مشروعه الاستشراقي العريض.

قلنا إن باصيه قد خلف زميله هوداس في تدريس اللغة العربية، وحل إدمون فانيان محل باصيه في تدريس الأدب العربي. وبقي الرجلان، باصيه وفانيان، حوالي أربعين سنة في خدمة الاستشراق، وبينما اندمجت الدراسات العربية على هذا النحو في العاصمة، إضافة إلى المدرسة الشرعية - الفرنسية التي يتولاها أيضا مستشرقون آخرون، نجد مدرسة قسنطينة التي كانت تسمى الكتانية عندئذ، يتولاها المستشرق مارتن إلى أن مات سنة ١٨٨٩. وقد خلفه عليها مستشرق بارز آخر هو موتيلانسكي، الذي ربط إسمه بعملين على الأقل: ترجمة الفقه الإباضي وخدمة البعثات الاستكشافية الفرنسية نحو الصحراء. وقد ظل موتيلانسكي على رأس مدرسة قسنطينة إلى وفاته سنة


(١) ترجمنا لابن سديرة في فصل آخر.
(٢) ترجمنا له في فصل آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>