للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدارته، وهو الذي وفر المال لطبعه على نفقة حكومة جونار. وأما الثاني (ميرانت) فقد نشر بالتعاون معه كتابا في حفظ الصحة مترجما إلى العربية من تأليف الفرنسي (دركل)، وغير ذلك. وبالإضافة إلى ذلك كان الشيخ الحفناوي يكتب في جريدة (كوكب افريقية) التي أسستها حكومة جونار وأسندت إدارتها إلى زميله الشيخ محمود كحول (١).

فأين كل ذلك من التدريس الذي نحن بصدده؟ منذ ١٨٩٧ تولى الشيخ الحفناوي أيضا التدريس في الجامع الكبير بالعاصمة. إنه لم يكن من خريجي المدارس الشرعية الفرنسية وإنما من خريجي الزوايا المرابطية والصوفية. ومع ذلك وجد طريقه إلى الوظيف الديني التعليمي الذي كان من المفروض أن يقوم به المفتى نفسه. وإلى جانب ذلك نلاحظ أنه قد جمع بين العمل في إدارة المبشر والتدريس في المسجد. فهل هذا امتياز له؟ إن أفكاره الظاهرية تتماشى مع الأفكار التي يريد الفرنسيون ترويجها بين الجزائريين. ويبدو أنه لم يكن له طموح سياسي ولا تطلع إلى زعامة، بل كان كما قال عن نفسه، متواضعا يحب العمل، وقد وجده في الثقافة، وقد غرق فيها باللغتين، ولا يهمه ما إذا كانت هذه الثقافة تخدم بلاده أو بلاد الآخرين. إن محيط الشخصيات الفرنسية التي ذكرناها والتي كان يتعايش معها قد وضع الضباب على عينيه، فلم يعد يرى أبعد من يومه. والغريب أننا نجده متأثرا بثقافته الصوفية في كتابه (تعريف الخلف) ولا نكاد نجده متأثرا بالعلوم العصرية التي افتخر أنه تعلمها على يد ارنو. وسنرى ذلك في حديثنا عن كتابه في جزء لاحق من موسوعتنا هذه.

إذا كان كثير من القضاة والمدرسين يفتحرون بأنهم تلاميذ عبد القادر المجاوي، فإننا لا نجد إلا القليل النادر من الذين يفتخرون بأنهم تتلمذوا على الشيخ الحفناوي بن الشيخ، رغم طول عمره. حقا إن المجاوي كان مدرسا بالمهنة في مدرسة قسنطينة ثم الجزائر، أما الحفناوي فكان مدرسا


(١) عن الشيخ كحول انظر الفصل الخاص بالمنشآت الثقافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>