للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتوحيد. أما دروس النحو واللغة العربية الموجهة للتلاميذ والتي كان يلقيها المدرسون الرسميون أيضا، فإن الأولياء كانوا يرسلون أطفالهم إليها عن طواعية. وهؤلاء الأطفال هم الذين يتعلمون في المدارس الابتدائية الفرنسية. وقد لاحظ بيل أن البنات أصبحن أيضا يذهبن إلى هذه المدرسة الفرنسية ليتعلمن الفرنسية ومبادئ الطرز والنسيج وأشغال الإبرة (١).

إن الفترة التي يتحدث عنها بيل هي فترة الصحوة الثقافية في الجزائر حين تسابق الجزائريون لتعليم أطفالهم، فكانوا يرسلون بهم إلى المدرسة الفرنسية من جهة والمدرسة العربية من جهة أخرى (مدارس جمعية العلماء). بينما أولياء الأطفال كانوا يحضرون دروس المساجد الرسمية وغير الرسمية، تلك المساجد (غير الرسمية) التي أصبحت تدعى الحرة، وهي التي شيدت بأموال الشعب عن طواعية تحت إشراف جمعية العلماء لتنشر دروس الوعظ والإرشاد وأحكام الشريعة باللغة العربية. ومن يرجع إلى جولات الشيخ ابن باديس في النواحي الوهرانية سيعرف مدى عمق هذه الحركة. وكان الشيخ محمد البشير الإبراهيمي قد حل بمدينة تلمسان سنة ١٩٣٢ وجعل منها مركز إشعاع للإصلاح في كامل ولاية وهران بما في ذلك ندرومة. وسنعود إلى هذا الموضوع في وقته.

وقد عرفت الناحية الغربية دروس المساجد الحرة أيضا. فكانت دروس الشيخين العربي التبسي وعبد القادر بوزيان في سيق ونواحيها أوائل الثلاثينات. ثم دروس الإبراهيمي في تلمسان وغيرها. ويذكر ابن بكار بعض العلماء الذين تطوعوا للتدريس في المساجد في معسكر وسيق وغيرهما أيضا. فقد تولى الحاج عبد القادر بن مصطفى ابن فريحة التدريس في غريس. واختصر ابن بكار حياته بقوله عنه أنه قد أعطي مالا فاتلفه في وجه الله وأعطى علما فبثه بين الناس. فهذا الشيخ (ابن فريحة) قد جعل بيته مدرسة في غريس فكان


(١) ألفريد بيل، (ندرومة العاصمة الإسلامية للطرارة) في S.G.A.A.N (١٩٣٤)، ص ٥١٥ - ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>