تخرجوا من مدارسهم على الشيوخ الذين تخرجوا من الزوايا أو من المشرق أو المغرب أو تونس. وعندما ألجأهم الحال إلى تعيين نماذج من المتعلمين الأحرار سرعان ما أخذوا يتخلصون منهم بالتدريج وتعويضهم بزملائهم، كما رأينا مع بعض مدرسي وهران والجزائر أيضا.
وقد استمر الشيخ بوجمعة فترة الحرب العالمية الأولى يقوم بنفس المهمة. وكان يجمع بين التدريس في المدرسة والتدريس في الجامع الكبير. ولا ندري إن كان ذلك فوق إرادة المفتي ابن الموهوب أو بإرادته. وفي سنة ١٩٢٣ وجدنا المفتش الجديد، السيد دورنون Dournon، وهو في نفس الوقت مدير مدرسة قسنطينة الشرعية، ينتقد الشيخ بوجمعة لجمعه بين المنصبين من جهة ولكونه يقدم تلاميذه على غيرهم أثناء امتحان الدخول إلى المدرسة الشرعية باعتباره عضوا في لجنة الامتحان (١).
٤ - ابن مرزوق: هذا عن مدرس الجامع الكبير بقسنطينة، أما مدرس جامع سيدي الكتاني (صالح باي)، فقد ظل هو أحمد بن سعيد بن مرزوق فترة طويلة، تقارب ربع القرن. ولا ندري ثقافة هذا الشيخ المعاصر أيضا لأحداث وشخصيات هامة عرفتها قسنطينة، ويبدو أنه ليس من خريجي المدرسة الفرنسية، كما يظهر من ملاحظات المفتشين الفرنسيين. وقد فتشه موتيلانسكي سنة ١٩٠٥ ولكننا لا نجد له ملاحظات عليه، كما فعل مع الشيخ حمدان. أما المفتش التالي، وهو سان كالبر Saint-Calbre فيقول عنه سنة ١٩٠٧ إن ابن مرزوق كان من تلاميذ الشيخ المجاوي، مستمعا حرا، أي أن تعليمه سماعي، عن طريق الإجازة وغيرها. ولم يتخرج من المدرسة الفرنسية، وكان عمره أربعين سنة ١٩٠٧، وأنه عين للتدريس سنة ١٨٩٤ في
(١) تقرير دورنون، سنة ١٩٢٣، أرشيف إيكلس (فرنسا)، ٤٧ H ١٤. ضاعت منا البطاقات المتعلقة بالتفتيش بعد ١٩٢٣، ولا ندري إن كان الشيخ بوجمعة قد استمر في الوظيفتين أو تفرغ للجامع فقط. وكان مالك بن نبي من تلاميذ الشيخ بوجمعة في مدرسة قسنطينة، وقد نوه به في مذكراته، فانظرها. وكان ابن نبي كثير النقد، مع ذلك، لمدير المدرسة درونون ويعتبره أحد أساطين الاستعمار.