للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل المكاتب (المدارس القرآنية). إن الزوايا مآلها أن تصبح للعبادة فقط ولزيارة الغرباء والإخوان، وستختفي منها المدرسة الملحقة بها بحكم انقطاع التلاميذ عنها (١).

وقد انتقد بيل تعليم الزوايا نقدا مرا، وكان على حق في بعض ما جاء به، ولكنه قد بالغ في ذلك لدرجة أنه خلط بين ربطه هذا التعليم بفكر المسلمين عامة، ونظام المدرسة الفرنسية. وهو يعلم أن ذلك كان مقصودا من مقنني النظام التربوي في الجزائر منذ الأربعينات من القرن الماضي. لقد انتقد بيل تعليم الزوايا بكونه تعليما دينيا غامضا، وتعليما صوفيا يعمل على الدمج في الله كما تدعو كتب التصوف، وهو يعني الحلول، وليس كل كتب التصوف ولا كل الطرق الصوفية تدعو إلى ذلك. وانتقد طريقة تدريس مختصر الشيخ خليل القائمة على الحفظ دون الفهم، كما يحفظ القرآن، واعتبر مختصر خليل نصا غامضا، وان المعلم نفسه لا يفهمه حتى بعد الرجوع إلى شراحه، وهو يقرأه مكسورا وملحونا لأن تعليمه في النحو لم يؤهله إلى فهم النصوص وإنما حفظ القواعد فقط. وحكم بيل بأن الدراسات النحوية تسقط تدريجيا في الجزائر لأن معرفة النحو أصبحت معرفة ضحلة. فأنت يمكن أن تكون أستاذا كبيرا، ولا تعرف تطبيق النحو. وذكر أن هناك فقهاء مشاهير وهم يلحنون عندما يقرأون نصا فقهيا، والفقيه يحفظ عدة كتب في الفقه ويفهمها فهما غامضا، ويكفيه ذلك أن يكون أستاذا في الفقه بالطريقة التي أخذه هو بها. وبيل هنا يعرض بدون شك بطبقة المدرسين الذين كان يفتشهم وبطبقة المفتين الذين عينتهم فرنسا. وقال إن دراسة النحو لا تخرج عن شرح متون الآجرومية والألفية. وعلى التلميذ أن يحفظ هذه المتون عن ظهر قلب، واعتبر بيل الأستاذ مسؤولا عن ذلك لأنه لا يمرنه ولا يطبق له الدرس (٢).


(١) ألفريد بيل، (مؤتمر)، مرجع سابق، ١٩٠٨، ص ٢٣٠.
(٢) نفس المصدر، ص ٢١١. انظر أيضا مقالتنا عن المولود الزريبي. فآراؤه تكاد تكون متطابقة مع آراء بيل حول هذه النقطة (الثقافة النحوية للمعلمين).

<<  <  ج: ص:  >  >>