ومن بني جناد ظهر الشيخ الشريف محمد الطاهر الجنادي، الذي انتقل من بني منصور إلى زاوية اليلولي لدراسة القرآن والقراءات. وقد اعتبرت زاوية سيدي منصور من صنف زاوية اليلولي في الاهتمام بالقرآن الكريم. ومن زاوية سيدي اليلولي انتقل الجنادي إلى تونس حيث أصبح من المعلمين الخاصين لأحد أولاد الأمراء، ثم توظف في الحكومة التونسية. وقال عنه الشيخ محمد السعيد بن زكري أنه بذل جهذه في اتقان العلوم العربية والرواية وصناعة التدريس بأساليب جيدة وحديثة. وقد أثر في تلاميذه بزاوية اليلولي أيضا حتى كان منهم من يرث طريقته جيلا بعد جيل. وكانت هجرة الجنادي إلى تونس حوالي ١٢٨٢ (١٨٦٦) ولا ندري متى توفي بها (١). وقد لعبت الزاوية والقائمون عليها وأصهارهم آل أوقاسي، دورا هاما في ثورة ١٨٧١.
وقد أصبحت بلدية بني منصور نفسها عبارة عن خلية من الزوايا والقباب إلى بداية هذا القرن. ويذهب أحد الفرنسيين الذين عملوا طويلا في هذه البلدية إلى أن المرابطين والمرابطات لهم قداسة خاصة في الناحية، تبنى لهم زوايا وقباب أثناء حياتهم أو بعيد وفاتهم، وتصبح مزارات ومدارس مخصصة للدين والتعليم. وذكر من النسوة الشهيرات لاله خديجة التي يحترمها النساء والرجال على السواء. وفي كل قرية من قرى بني منصور دار للجماعة، يشترك فيها الجميع وتستعمل مركزا للدين ومدرسة للتعليم. ويقوم (الطلبة) والأيمة بتعليم القرآن وأداء الصلوات مقابل أجور متواضعة من السكان. وفي كل دوار زاوية للطلبة وتعليم للأطفال. وفي بني حمدان (بنو ماني) يتعلم التلاميذ القرآن والفقه والتوحيد. وفي بوايلفان زاوية يتردد عليها التلاميذ. وفي قرية الشرفة (من نسل سيدي عمر الشريف من نواحي يسر) حوالي ٥٠ طالبا يتعلمون القرآن. وزاوية أولاد سيدي الهادي التي كان بها حوالي ١٥ تلميذا. ولكن الكثير من التلاميذ أخذوا يختفون، وتحولت الدراسات في
(١) أوراق علي امقران السحنوني، نقلا عن (أوضح الدلايل)، ص ٥٥.