للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأساس أو التي أضافت إليها مواد أخرى، وأصبحت تطلق على نفسها اسم المدارس العصرية أو الحديثة.

والواقع أن الجزائر لم تخل من المدارس (الحرة) حتى خلال القرن الماضي. فبعد استيلاء الفرنسيين على الأوقاف والمدارس والمساجد والزوايا في المدن، واصل الناس تعليم القرآن، كما عرفنا، في المسيدات أو الكتاتيب، في غرف صغيرة أحيانا معتمة، وفي بيوت ملصقة بدور العبادة التي بقيت، وكانت هذه المؤسسات، على ضعفها وتدهورها، حرة ولا تمولها السلطات الفرنسية، ولكنها تراقبها سياسيا. وفي الريف بقيت الزوايا والشريعات (الخيام) والمعمرات هي الأماكن التي يعلم فيها القرآن الكريم والعلوم الأخرى الدينية واللغوية. وكانت أيضا حرة لا دخل للسلطة فيها إلا المراقبة وأحيانا التحكم في البرنامج والمواد بمنع الزائرين والمتبرعين لها. إن التعليم الذي كنا نتحدث عنه في المساجد والزوايا كان كله من أموال الناس المتطوعين من أجل تعليم أبنائهم اللغة العربية والدين الإسلامي حسب طريقة معلومة عندهم. فهو تعليم حر، وكان القائمون عليه معلمين متطوعين، وإنما يضمن لهم أهل القرية القوت، وأحيانا تضمن لهم ذلك الزاوية نفسها.

إننا عندما نتحدث عن المدارس الحرة يجب أن نتذكر الماضي، فما الجديد إذن؟ الجديد هو تخلف نظام التعليم القديم الذي قصدته السلطات الفرنسية قصدا، والذي تحدث عنه ألفريد بيل أوائل هذا القرن، ظنا منه أن ذلك سيؤدي إلى موت الدراسات العربية والإسلامية لصالح اللغة والحضارة الفرنسية. وأمام ذلك التخلف في المكان والمنهج والبرنامج جاء النقد، والتماس البدائل. وكانت تجارب المدارس القرآنية في المشرق العربي وفي تونس وإصلاحها قد تأثر بها أيضا بعض الجزائريين سواء الذين درسوا هناك أو الذين قرأوا عنها في الصحف. ومن جهة أخرى كانت المدرسة الفرنسية الخاصة بالأهالي تغزو أوساط الجزائريين فخاف هؤلاء على مصير أبنائهم. ولذلك ظهرت عدة تجارب قبل الحرب العالمية الأولى، ثم توسعت واستمرت منذ ١٩٢٠، كما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>