والبنات. وكان ابن باديس يخطط لتكوين ما أسماه جامعة شعبية أو كلية تكون نواة لاستقبال الذين أنهوا دراستهم الابتدائية والمتوسطة، ثم يأخذ التعليم العربي مجراه في التطور نحو العالي.
وقد حقق خلفاؤه الفكرتين بعده، فأسسوا في قسنطينة (معهد عبد الحميد بن باديس) سنة ١٩٤٧، كما أرسلوا البعثات نحو الشرق من طلاب المعهد نفسه منذ فاتح الخمسينات. ومن جهة أخرى ربطوا معهد ابن باديس بالجامع الأعظم (الزيتونة) في تونس من حيث الامتحانات والبرامج والشهادات. وإلى جانب ذلك تضاعف تأسيس المدارس الابتدائية العصرية التابعة للجمعية حتى وصل عدد التلاميذ سنة ١٩٥٤، حسب المصادر الفرنسية إلى ٢٥.٠٠٠ تلميذ.
ولكن حملة التعليم لم يشارك فيها جمعية العلماء فقط، فقد كانت عامة، وكل على قدر علمه وإمكاناته. حتى بعض الأحزاب السياسية أسست المدارس العربية وملأتها بأنصارها من معلمي العربية، وكانت تتبع في غالبيتها برنامج جمعية العلماء. وسواء كان ذلك من باب التنافس على كسب الأنصار أو من أجل الإيمان برسالة التعليم الحر، أو البحث عن عمل للأعضاء، فإن النتيجة واحدة وهي نشر التعليم العربي والروح الإسلامية بين الجمهور. وقد قدرت المصادر الفرنسية سنة ١٩٥٤ مجموع التلاميذ الذين يترددون على المدارس القرآنية الجديدة والقديمة بحوالى مائة ألف تلميذ (١).
وإلى جانب معهد الحياة في القرارة ومعهد ابن باديس في قسنطينة ظهر معهد جديد في قسنطينة أيضا سنة ١٩٤٧. وقد سمي بمعهد الكتانية لأنه افتتح في مدرسة صالح باي الشهيرة بالكتانية، وهي التي آوت المدرسة الفرنسية الشرعية حوالي نصف قرن قبل تأسيس المدرسة الجديدة، في الشارع الوطني. وأحيانا يطلق على المعهد الجديد اسم معهد بلحملاوي (ابن
(١) دير منغام (لجزائر الدينية) في (مدخل إلى الجزائر)، ١٩٥٦، ص ٢٦٠.