للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمهوريين ودستورهم، جزءا لا يتجزأ من فرنسا. ولذلك أعلنت حكومة الجمهورية أن التعليم الأوروبي في الجزائر قد أصبح تابعا لوزارة المعارف العمومية في فرنسا وليس من اختصاصات وزارة الحربية ولا الحاكم العام الفرنسي في الجزائر. وقد أنشأت الوزارة المذكورة في الجزائر (أكاديمية) تشرف على نظام التعليم الأوروبي، كما هو الحال في الولايات الفرنسية الأخرى. أما التعليم (الأهلي) أو الإسلامي فقد بقي كما كان، أي تحت إشراف وزارة الحربية والإدارة المباشرة للحاكم العام العسكري (١). وليس هناك أكاديمية له، كما لا تهتم به الأكاديمية المذكورة. هذا من الناحية الإدارية المحضة، أما عمليا فقد ظل تعليم المسلمين مهملا تماما، كما لاحظنا ذلك في التقرير الرسمي، لأن السلطات الفرنسية كانت منشغلة في دعواها بالحرب وردع المقاومة.

وحين أنشئت مدارس ابتدائية فرنسية موجهة للجزائريين سميت باسم خاص، وهو المدارس العربية - الفرنسية، وكان عددها قليلا جدا، ومحتوى برامجها لا يتجاوز غسل المخ وتوجيه جيل من الجزائريين نحو الفرنسية وقطعه عن جذوره، وذبذبة الأسرة والمجتمع من ورائه. وسنرى أن عدد هذه المدارس سنة ١٨٧٠ لم يصل في يوم من الأيام إلى الأربعين في الجزائر كلها، وكان يشرف عليه ضباط المكاتب العربية بعنجهيتهم وتعاليهم. وإلى جانب هذا المظهر من مظاهر التمييز، فإن هذه المدارس قصد بها فئة واحدة من الجزائريين وهم أبناء الموظفين لدى الإدارة الفرنسية - من قياد وباشغوات وقضاة الخ. ولم تكن المدارس مفتوحة لكل الجزائريين.

ويمكننا أن نستمر في إبراز هذا الطابع التمييزي للتعليم، على ضعفه وذبذبته، بذكر أمثلة أخرى. فمن ذلك أن التعليم قد جعل إجباريا في فرنسا سنة ١٨٧٢، وعلى أبناء الأوروبيين في الجزائر سنة ١٨٧٣. أما بالنسبة للجزائريين فالإلزام لم يكن واردا، رغم اعتبار الجزائر جزءا من فرنسا،


(١) صدر القانون بذلك في ٧ غشت و ٨ سبتمبر، ١٨٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>