للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خططوا خطة تعليمية لرفع مستوى الجزائريين. إن التجربة كانت محدودة في المكان والزمان. وكان هدفها، كما صرحوا هم بذلك، هو نشر الفرنسية والفرنسة. يقول ميرانت نقلا عن دي بوسيه: (إن الهدف كان محو التعصب الديني والكراهية عن طريق التعليم بالفرنسية والحضارة والتقدم، وذلك لا يكون إلا بإحداث لغة مشتركة في الجيل الصاعد وتقريبه من الفرنسيين بتبنيه نفس الأفكار ونفس المصالح) (١). ترى، من المتعصب إذن؟

وكما قاطع المسلمون المدارس التي سميت خاصة، قاطعوا أيضا المدارس التي سميت بالودادية أو المشتركة mutuel) التي كانت موجهة لأبناء الفرنسيين في الأساس. وقد مر بنا أن بعض الجزائريين قد أرسلوا أولادهم إليها ثم سحبوهم، ربما تحت تأثير الرأي العام المسلم أو بعد أن تأكدوا من الخطر على أولادهم من التعليم في هذه المدارس سيما بعد أن وصف بأنه تعليم لائكي (٢). وكان موقف الجزائريين واحدا بهذا الصدد سواء في الجزائر أو عنابة أو وهران، وهي المدن التي احتلت عندئذ (أي إلى ١٨٣٦)، وأنشئت فيها المدارس المشتركة الفرنسية. وإذا كان برنامج المدارس المشتركة فرنسيا، فإن ما سمي بالمدارس الخاصة كان عربيا عدا اللغة الفرنسية وما يتصل بها من تأثيرات حضارية. فالتلاميذ في هذه المدارس الخاصة يتلقون دروسا في مبادئ القراءة والكتابة بالعربية على يد معلم (أهلي)، ولكنهم كانوا يتلقون أربع ساعات في اليوم لغة فرنسية على يد معلم فرنسي. وقد اشتكى الأولياء من أن المعلم (الأهلي) الذي تعاون مع الفرنسيين في هذا المجال، لم يكن يتوفر على شروط المعلم والمؤدب، بل كان عربيدا وغير متخلق، مما زادهم نفورا من هذه المدرسة الفرنسية الخاصة.

إن هذه التجربة لم تكن ناجحة إذن، وهي الخطوة الأولى فيما سيصبح


(١) جان ميرانت، مرجع سابق، ٧٧.
(٢) كولونا (المعلمون الجزائريون). مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>