للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك إلى إنشاء المدرسة النورمالية أو ترشيح المعلمين. وكانت هذه المدارس مفتوحة للذكور والإناث ليتعلموا فيها مبادئ القراءة والكتابة في اللغتين. ولكن ما دامت الفرنسية هي لغة المستعمر ويسيطر على جو المدرسة الطابع الفرنسي، فإن التلاميذ كانوا يأخذون في الانسلاخ شيئا فشيئا عن مجتمعهم وماضيهم. وبالإضافة إلى ذلك فإن بقية المواد كان يتغلب عليها أيضا الطابع الفرنسي فتصبح العربية مجرد لغة. أما المعارف العملية فهي بالفرنسية، مثلا يتعلم التلاميذ الحساب بالفرنسية وكذلك التاريخ والجغرافية والموازين والمكاييل للذكور، والخياطة للإناث.

كان لكل مدرسة معلمان. أحدهما فرنسي، وهو المدير، والآخر مسلم مساعد له. يعين الحاكم العام كليهما بقرار، بناء على اقتراح من حاكم الناحية التي بها المدرسة. ويشترط في المعلم الفرنسي (المدير) أن تكون له شهادة النجاح في الترجمة كدليل على معرفته للعربية (الدارجة). أما المعلم المسلم فيستظهر فقط بشهادة من المفتي أو القاضي تشهد على تمكنه من العربية والدين، وهي الإجازة التي كان يعمل بها في السابق. وكانت أجرة المدير ١٢٠٠ فرنك سنويا. وأجرة المعلم المسلم ٢٠٠ فرنك فقط سنويا. ويمكن للحاكم العام أن يضيف إليهما علاوات سنوية في شكل مكافآت، بشرط ألا تتجاوز نصف الراتب. والملاحظ أن ميزانية هذه المدارس كانت من الجزائريين أنفسهم، فالرواتب للمعلمين كانت من الغرامة المضافة على العرب، كما تقول (المبشر) (٣/ ١٨٦٧/١). وحين تترك الميزانية للبلديات ترفض أو تتلكأ في إعطاء ميزانية للتعليم الموجه للأهالي، كما سنرى. والتعليم في هذه المدارس كان مجانيا واختياريا. وكانت المدارس تحت إشراف الحاكم العسكري للمنطقة (كان النظام كله عسكريا خلال المرحلة - سوى سنتين ١٨٥٨ - ١٨٦٠)، وهو الذي يقدم عنها تقريرا فصليا إلى الحاكم العام، ويتصل الوزير بتقرير عنها أيضا عن طريق الحاكم العام.

لاحظنا أن هذا التعليم كان موجها للبنين والبنات. وقد أنشئت ثلاث مدارس للبنات في كل من الجزائر ووهران وقسنطينة. ولم تكن في الواقع

<<  <  ج: ص:  >  >>