للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذه الأرقام لا تثير دهشتنا لأنها تعطي صورة مشرقة عن انطلاقة التعليم الأهلي بدعم من الحكومة هذه المرة. لكن هناك من يذكر أن عدد المدارس سنة ١٨٨٤ كان ٣٠ مدرسة فقط، وتلاميذها لا يكادون يبلغون ٤.٠٠٠ تلميذ. وفي ١٨٨٦ كان عدد المدارس ٦٨ مدرسة وتلاميذها ٥.٦٠٠ تلميذ. ومهما كانت دقة الأرقام فإن الاتجاه الذي أصبحت تبنى عليه المدارس أصبح واضحا. لقد وقع التخلي عن التعليم الابتدائي المزدوج واتجه التعليم الآن إلى الفرنسة الصريحة تحت لواء الجمهورية الثالثة. وهو تعليم تسيطر عليه الروح اللاتينية والمسيحية (رغم الادعاء بأنه تعليم لايكي أو علماني) والتعالي الثقافي. وهذه هي الفترة التي أصبح على الأطفال الجزائريين فيها أن يقرأوا في كتبهم بأن أجدادهم هم سكان الغال (فرنسا) (١).

وقد وضع التعليم الأهلي تحت معلمين فرنسيين أو متفرنسين، ولكن في أقسام خاصة منزوية. ووقع النص على أن التعليم إجباري سنة ١٨٨١ كما هو في فرنسا، ولكن تطبيق ذلك على الجزائريين كان غير وارد. وسميت المدارس الجديدة (بالعادية) وأصبح يشرف عليها معلمون فرنسيون، ثم أنشئت أقسام للطفولة من الجنسين بإشراف نساء فرنسيات أو جزائريات. وهناك أيضا مدارس سميت (رئيسية) وهي التي تضم ستة أقسام على الأقل. ومع كل هذه الضجة توقفت القروض من الحكومة للبلديات بدعوى أن هذه لا تطلبها، كما أن البلديات لم تصرف على التعليم الأهلي بدعوى أن الأهالي غير قابلين للتعلم أو أن لديهم ما يكفيهم من المدارس القرآنية، بل هناك من ذهب إلى أن تعليمهم سيوقظهم ضد الفرنسيين فالأفضل إذن تركهم في حالة الجهل. ومهما كان الأمر فقد حدثت نكسة لهذه التجربة القصيرة نتيجه عدم القروض وانعدام الميزانية. والباحثون الفرنسيون يعزون استمرار التعليم


= رأي جورج مارسيه عن الفرق بين المدارس والأقسام، لاحقا.
(١) بيلي (عندما أصبحت ...)، مرجع سابق، ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>