للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنظر إلى برنامج المدارس الثلاث وأهدافها المذكورة يمكننا أن نبقى على تسمية جريدة المبشر لها وهي تسميها بالفقهية. ولكن هذا الاطلاق يصدق فقط على العهد الأول حين كانت تحت إدارة عربية وكانت موادها عربية - إسلامية. أما منذ تولاها المستشرقون وتغيرت برامجها فالتسمية بالفقهية لم تعد صالحة في نظرنا. والأولى أن نسميها بالمدارس الشرعية - الفرنسية. وكلمة (شرعية) هنا لا تعني الشريعة أو التشريع الإسلامي فقط، ذلك أن القانون الفرنسي كان أيضا يدرس في هذه المدارس، وقد فقدت الشريعة الإسلامية فيها سلطتها منذ حوصر القضاء الإسلامي في المحاكم، كما أن اللغة الفرنسية والأفكار الفرنسية كانت هي الغالبة عليها. ولذلك نميل إلى التسمية المذكورة، وهي الشرعية - الفرنسية.

سبق إنشاء المدارس الشرعية - الفرنسية عدة محاولات ولكنها جميعا لم تثمر. فبعد إهمال التعديم الابتدائي العربي - الإسلامي، وقع فراغ مخيف في الحياة العلمية والثقافية، وكذلك بالطبع في الحياة الدينية ولا سيما في ملء الوظائف القضائية والإمامة وما إليها. فمهما اشتغل الفرنسيون بالحرب وقمع المقاومة، ومهما اشتغلوا بمصادرة أموال الأوقاف والأماكن الدينية، فإنهم كانوا في حاجة إلى موظفين جزائريين في إدارة القضاء والقيام بالعبادات في المساجد وغيرها مما لا يمكنهم هم أن يقوموا به. كانت المحاولة الأولى هي إنشاء كوليج الجزائر (١٨٣٧) وهو للتعليم الثانوي الفرنسي لكن من حيث المبدإ يمكن للجزائريين دخوله. وقد رأينا أنهم قاطعوه. فطرأت فكرة أخرى على الفرنسيين وهي إنشاء كوليج عربي في باريس لاستقبال التلاميذ والضيوف العرب، (سنة ١٨٣٩)، ولكن التجربة أيضا لم تنجح إذ لم يذهب إليه الجزائريون وعارضوا إرسال أبنائهم إليه، كما لاحظنا أيضا. وفي سنة ١٨٤٤ كتب الضابط ليون روش Leon Roche (١)


(١) عن ليون روش انظر كتابنا الحركة الوطنية، ج ١. وكان قد تجسس على الأمير عبد القادر لصالح المارشال بوجو، وزار الحجاز متنكرا باسم (عمر) ورجع بفتوى ضد المقاومة، وتولى وظائف عليا، منها قنصل فرنسا في المغرب ثم تونس. وله =

<<  <  ج: ص:  >  >>