ابتدائي، رغم قول الفرنسيين أنه ثانوي أو عالي. فكون المتلقي كبير السن لا يجعل مستوى التعليم عاليا سواء كان المتلقي يعرف القراءة والكتابة أو لا يعرفهما. لقد كان في إمكان التلاميذ أن يدخلوا المدارس المذكورة في أي وقت شاؤوا من السنة، فدروسها عبارة عن دروس حرة. وكان طلابها أو تلاميذها متقدمين في السن، ومنهم من وصل إلى سن الأربعين، وفي أغلب الأحيان قد وخطهم الشيب، كما يقول المستشرق بيل. وبناء على توصية من لجنة (قاستنبيد) جرى امتحان دخول للمدارس الثلاث وشارك فيه لأول مرة سنة ١٨٦٩ رجال الزوايا. وكان ذلك بإلحاح من المكي بن باديس الذي قيل عنه أنه كان ضد المدارس الثلاث وكان يقف مع استقلال المجالس القضائية ويدافع عن الدين الإسلامي. وقد فاز رجال الزوايا بوظائف القضاء، ولكن مشاركة رجال الزوايا ألغيت في عهد الحاكم العام شانزي (انظر لاحقا) سنة ١٨٧٧. ويبدو أن الإقبال على المدارس الرسمية في البداية كان مرتفعا إذ يذكرون أن عدد التلاميذ في المدرسة الواحدة كان بين ٥٠ و ٦٠ بسبب ما أشيع من أن التلميذ المنتظم يتحصل على حوالي ٨٠ سنتيم في اليوم. ولكن ذلك لم يستمر، لأن معدل الحضور، كما سنرى، كان بين ١٥ و ٢٠ فقط. وقد قدرت بعض التقارير أن المنحة السنوية للتلميذ المنتظم كانت حوالي مائة فرنك سنويا، إذا أثبت التلميذ أنه نجيب. وكان يمكن للتلاميذ السكنى في المدرسة إذا توفر لها ذلك. ولكن التقارير أثبتت أن الشروط الصحية كانت سيئة.
كذلك لم يكن هناك شروط لاختيار المعلمين، ولا المدير، ولا توجيه التعليم. فقد ترك توجيه التعليم للمعلمين أنفسهم، على أن يخضع لزيارة المفتش الفرنسي، كما لاحظنا، ليطلع على سير التعليم. والغريب أن السلطات العسكرية قررت إلغاء مادة التوحيد من التدريس، وهو قرار خارج عن نص المرسوم بإنشاء المدارس. ويقول المستشرق بيل أن أحدا (من الأهالي) لم يتقدم بشكوى من ذلك. وسنرى أن باب الجهاد والضرائب قد ألغى أيضا من أبواب الفقه. وكانت مدة الدراسة ثلاث سنوات فقط. وقلما يواصل التلاميذ تعلمهم إلى نهاية الفترة، على قصرها، إذ أنهم يغادرون