للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلها ترجع إلى أن المدرسة كانت تحت إدارة جزائرية وبرنامج عربي في مجمله وتلاميذ غير مختارين بدقة، إذ جاء أغلبهم من الزوايا حيث يحملون معهم مادة قوية من التعصب الديني ضد الفرنسيين، ويرفضون كل الأفكار الليبرالية الفرنسية التي يحاول الفرنسيون زرعها في التلاميذ. أما النقد الآخر فقد وجهه بيل إلى السلطات العسكرية التي كانت تتحكم في هذه المدارس في حين أنها غير مؤهلة لإدارة التعليم فيها (١).

لقد رأى الفرنسيون إدخال إصلاحات على المدارس الشرعية - الفرنسية ابتداء من سنة ١٨٧٦. كان عقد السبعينات يمثل مرحلة خاصة في مختلف الميادين. وفي ميدان التعليم بالذات لاحظنا إلغاء المدارس العربية - الفرنسية بقرار من الحاكم العام ديقيدون، وإلغاء الكوليج الامبريالي في كل من الجزائر وقسنطينة. وجاء دور المدارس الشرعية - الفرنسية، فلم تلغ تماما لحاجة الإدارة إلى خريجيها في بعض التخصصات، ولكنها نظمت تنظيما خاصا بحيث تؤدي دورها المحدود، وهو تخريج بعض القضاة الخاصين بعقود الزواج والتركات، وتخريج بعض الأيمة في المساجد، مع التركيز على الفرنسية في اللسان وفي الأفكار. لقد جاءت الجمهورية الثالثة لمحو ما بقي يدل على وجود عربي - إسلامي في الجزائر. فجاء مرسوم ١٥ غشت ١٨٧٥ ليمنح الحكومة العامة في الجزائر حق إنشاء مدارس إسلامية، ذريعة لإحداث تغيير هام في بنية ووظيفة المدارس الشرعية الثلاث ابتداء من ١٦ فبراير ١٨٧٦. وبناء على القراء الأخير فإن الحاكم العام في الجزائر يحتفظ بحق المراقبة السياسية والإدارية للمدارس المذكورة. كما يتكفل مدير التعليم بإدارة الدراسات والانضباط الداخلي فيها. وقد اعتبر التعليم في المدارس الثلاث عبارة عن تعليم عال، على أنها مؤسسات للتعليم العالي الإسلامي. أما هدفها فقد ظل كما كان تقريبا، وهو تخريج المترشحين لوظيفة القضاء والديانة الإسلامية والتعليم العام الإسلامي، وكذلك كل الوظائف الأخرى المخصصة حسب مرسوم ٢١ إبريل ١٨٦٦، للأهالي المسلمين غير


(١) بيل (مؤتمر شمال إفريقية)، مرجع سابق، ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>