للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المعاهد) العربية - الفرنسية (١)، فقد كان الهدف منها تعويض الفراغ الذي أحدثه إلغاء المدارس والمعاهد العربية للتعليم الثانوي. وكان القصد من إنشاء الكوليجات هو إعطاء المكانة للغة الفرنسية حتى لا تتغلب عليها اللغة العربية. ولكن التجربة دلت على أن الأوروبيين والجزائريين قد نظروا بشزر إلى تلك الكوليجات، فالأوروبيون اعتبروها تدليلا للجزائريين وحسدوهم عليها ما دام أولاد الأوروبيين كانوا يتلقون التعليم الثانوي في إحدى الثكنات الانكشارية. أما الجزائريون فقد تخوفوا من وجود الكوليجات ولم يرتاحوا إليها (٢). وبعد ١٨٧٠ نظر الأوروبيون إلى الجزائريين على أنهم مرتبطون بالعهد العسكري (عهد الامبراطورية)، فقاموا بإضعاف اللغة العربية في المدارس الشرعية - الفرنسية وتقوية الفرنسية فيها (إصلاح ١٨٧٦). فإذا بهذه المدارس قد ابتعدت عن هدفها وأصبحت لا تخرج إلا الضعفاء غير المؤهلين لتولي المناصب الدينية والقضائية. وكان ذلك في الوقت الذي ظهر التنافس لها على أشده في الزوايا المحلية والجامعات الإسلامية والأجنبية. ولو ترك الفرنسيون الأمور تتطور على هذا النحو لألغيت المدارس الشرعية - الفرنسية تماما ولكان ذلك خطرا على المصالح الفرنسية وعلى الجزائريين معا.

وقد امتدح صاحب المقال جهود الحاكم العام كامبون أيضا لأنه هو المسؤول على تطبيق المراسيم الحكومية الجديدة. فهو الذي أشرف على إعادة تنظيم المدارس الشرعية، وقد أصبحت الدراسة فيها ست سنوات لمن أراد التوظف في السلك الديني والقضائي، وأصبح على الجزائريين دراسة اللغة الفرنسية من البداية، ودراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية في هذه


(١) سندرسها في فقرة أخرى، وكانت قد نشأت قبل ١٨٧٠ ثم ألغيت مع سقوط الامبراطورية. والإشارة إلى الثكنات دليل على أن الفرنسيين استخدموا المنشآت العسكرية والدينية السابقة لصالح تعليمهم وإدارتهم. انظر فصل المعالم الإسلامية.
(٢) وهذا ادعاء غير صحيح في جملته إذا نظرنا إلى الإقبال على الكوليجات التي خصصت لأبناء العائلات التي خدمت فرنسا. ولكن الجزائريين كانوا إلى ذلك العهد (عهد الامبراطورية) متحفظين من المدارس الفرنسية عموما.

<<  <  ج: ص:  >  >>