الثانية التعليم الفرنسي وألحقته بوزارة المعارف، بينما أبقت التعليم (الأهلي) تابعا لوزارة الحرب وممثليها العسكريين في الجزائر.
كانت فلسفة المدرسة العربية/ الفرنسية (الابتدائية) في الجزائر تقوم على أن التعليم فيها هو نسخة من التعليم الفرنسي، والفارق الوحيد هو وجود اللغة العربية (الدارجة) في برنامجها. وقد كتب الحاكم العام المارشال ماكماهون في ٩ يناير ١٨٦٥ قائلا إن البرنامج كان موضوعا على أساس برنامج المدرسة الابتدائية الفرنسية، مع ترك مكان لتعليم اللغة العربية. وعبر مدير التعليم (الريكتور) أيضا على نفس الرأي مع الإلحاح على توحيد البرنامج وترويج اللغة الفرنسية، رغم أن التعليم موجه إلى الجزائريين (١). وتمشيا مع هذه الروح وضمانا لإيجاد الإطار المناسب من المعلمين في المدارس الابتدائية العربية - الفرنسية أنشئت مدارس ابتدائية لترشيح المعلمين في مدينة الجزائر بمرسوم امبراطوري، في مارس - أبريل ١٨٦٥. وجاء في تبرير إنشائها أن الجزائريين بدأوا يقبلون بإرسال أبنائهم إلى المدرسة الابتدائية - الفرنسية، وهذا يعني ضرورة إتقان التعليم فيها والبحث عن المعلمين أكفاء للتأثير على الجيل الناشيء من الأهالي، عن طريق مدرسة ترشيح المعلمين. إن الهدف من فتح المدارس العربية - الفرنسية هو نشر اللغة والأفكار الفرنسية بين الأطفال الجزائريين بسرعة، وهذا لن يتحقق إلا إذا وضعوا بين أيدي معلمين يعرفون اللغة العربية الدارجة والعادات والتقاليد والتأقلم مع التقاليد الثقافية للأهالي. وإذا لم يعد المعلمون إعدادا خاصا بذلك فإنهم سيبقون غرباء عن هذه البيئة، ولن يتحقق الهدف من المدارس العربية - الفرنسية. ولكن إعداد المعلمين ليس خاصا بمدارس أبناء الجزائريين بل هو شامل أيضا المدارس الفرنسية - الفرنسية. وصفة التمييز
(١) عندما فهم الجزائريون ذلك الهدف من التعليم الموجه لأبنائهم واعتبروه خطرا على مستقبلهم، اتهمهم الفرنسيون بالتعصب والنفور من التعليم والحضارة .. انظر بوليو، مرجع سابق، ٢٥٣. وقد توقع بوليو أن خريجي مدرسة ترشيح المعلمين سيجعلون أبناء الدواوير يتأثرون بالحضارة الفرنسية.