المدارس العمومية الأهلية دون التمييز بينها، بلدية أو غير بلدية، تابعة لبلدية أهلية أو غيرها حسب مصطلحات ذلك الوقت في المدارس الأهلية. وقد أقرت اللجنة ضرورة الإبقاء على المواد المبرمجة في المدرسة الابتدائية الفرنسية في فرنسا، ولكنها اقترحت إدخال مادة تاريخ وجغرافية الجزائر. واهتمت بتجديد المناهج وإعطائها طابعا نفعيا وتطبيقيا مع اعترافها أنها كانت مناهج حية وفعالة ونشيطة! وأوصت بالابتعاد عن كل تعليم تجريدي. فالزراعة مثلا يجب أن تصبح تطبيقية من البداية. وبينما يتعلم الطفل الفرنسي الإملاء في اللغة الفرنسية يتعلم الطفل الجزائري هذه اللغة لذاتها، والمفردات التي تتألف منها، وتشكيل الكلمات في جمل وحروف وروابط، لأن المقصود ليس فهم الفرنسية فقط ولكن كيفية استعمالها الجاري. ومن ثمة فإن اللجنة أبقت على هذا المبدأ غير الجديد في الواقع، وهو أن (المكانة الرئيسية في تعليم الأهالي بقيت للغة الفرنسية)، ويجب أن توظف جميع الدروس الأخرى لتعليم الفرنسية ونشرها، فهي في الجغرافية وفي الحساب وفي الرسم والأشغال اليدوية، فكل درس في أية مادة يجب أن يعلم المفردات ويعلم التعبير أيضا.
من هذا المنطلق انطلق التعليم الأهلي في تصور خبراء الفرنسية الجدد. وكان على اللغة العربية (الدارجة) أن تترك الطريق لهذه الموجة العاتية من العلم اللغوي والتسلط الاستعماري. وما زادت اللجنة المعتبرة، في الواقع على أن بلورت ما كان مضببا ولخصت ما كان مشتتا. وعلى عقول الأطفال الجزائريين أن تتكيف حسب الرغبة الفرنسية في إنشاء جيل ممسوخ. وقد بقيت توصيات هذه اللجنة محترمة حتى بعد صدور مراسيم جديدة تخص التعليم خلال ١٨٩٢ - ١٨٩٨. ويعتبر جان ميرانت خطة هذه اللجنة مرحلة هامة من تاريخ توجيه التعليم الأهلي، وهو يقول عنها إنها:(خطة تمثل التقدم الأكثر حسما وهو الذي بدأ وتحقق منذ ١٨٣٠)(١).
(١) جان ميرانت (كراسات ..)، مرجع سابق، ٨٦. طبعت خطة اللجنة القسنطينية سنة ١٨٩٠ نشرها المتحف التربوي (البيداغوجي).