اهتم الفرنسيون بالبنت المسلمة من وجهين. الأول كونها المدخل الأساسي للأسرة الجزائرية ونشر التأثير الفرنسي عن طريقها، بعد أن ظل الرجال (ومن ورائهم النساء) حاملين علم الثورة والمقاومة. والمقصود بالرجال هنا كل البالغين أو الذين وصلوا سن السادسة عشر. وكان أهل المدن أكثر هدوءا بعد الاحتلال من أهل الأرياف والقرى. وقد سيطر الفرنسيون على الإدارة والأسواق والتجارة والسفر. وانحصر المواطنون الذين لم يهاجروا في المدن التي تفرنست في مظاهرها بالتدرج، سيما الجزائر ووهران وعنابة وبجاية. فقد أصبح الجزائريون أقلية وسط أغلبية فرنسية أو متفرنسة جاءت من مختلف أنحاء أوروبا. وبذلك أصبح الطريق للتوغل الحضاري الفرنسي ممهدا في المدن المذكورة منذ الأربعينات. والوجه الثاني هو أن المرأة عامل اقتصادي هام. وكان الفرنسيون قد هدموا الأسواق التقليدية (البازرات) حيث الكتب والملابس والحلي والعطور والمصنوعات الجلدية والحريرية، الخ. وهي المنتوجات التي كانت تمثل الصناعات التقليدية وتنشط الاقتصاد المحلي. وقد تعود الأوروبيون على شراء هذه المصنوعات على أثر الاحتلال وقبل الهدم. ولذلك فكر بعض الفرنسيين في إحياء هذه الصناعة عن طريق المرأة، وبواسطتها يتحقق الهدف الآخر أيضا وهو نشر التأثير الفرنسي في الأسرة وترويج اللغة الفرنسية.
ولم يفتح الفرنسيون مدرسة رسمية لتنشيط الصناعات التقليدية في البداية، وإنما تركوا بعض المغامرات الفرنسيات يقمن بذلك ثم اعترفوا بجهودهن وقدموا لهن التسهيلات. كان النساء الفرنسيات والزائرات الأخريات يبكين حالة المرأة المسلمة في الجزائر. فهي في نظرهن مسكينة وجاهلة ومحرومة من متع الحياة. وهي ضحية الرجل الذي كان يشتريها بدراهمه (هكذا يسمون المهر)، وهي راضية بالطلاق وبالعمل الشاق والزواج عليها بضرة، وهي مستسلمة للقدر والمكتوب والتقاليد. ويعرف تاريخ المرأة في الجزائر أسماء العديدة من النسوة اللائي نصبن أنفسهن للدفاع عن حقوقها المدنية والاجتماعية دون السياسية طبعا. ومن هؤلاء أليكس في أول