ظهرت مدارس ابتدائية خاصة بالأهالي وأقسام ملحقة بمدارس فرنسية. وكان الزمن قد تغير كثيرا، وظهر الجيل الثالث في عهد الاستعمار الفرنسي. ورغم مطالبة الجزائريين بالتعليم لبنيهم وبناتهم فإن السلطة الفرنسية كانت شحيحة جدا. وقد ظل تعليم البنات بالخصوص مطبوعا بالطابع الاقتصادي - العملي، كما ذكرنا، وليس بالطابع العلمي - التربوي. ومن ثمة لم تتحصل البنت الجزائرية لا على ثقافتها العربية الإسلامية ولا على ثقافة فرنسية علمية مفيدة. وقد صدق ألفريد بيل حين قال سنة ١٩٠٨ إنه لا يوجد للبنات المسلمات مدارس خاصة بهن لمتابعة دراستهن لا بالعربية ولا بالفرنسية. ونحن نعلم أن ألفريد بيل من غلاة المستشرقين الاستعماريين. لقد كان بعضهن يدخلن المدارس الفرنسية الابتدائية، وكان عددهن قليلا جدا. أما الأخريات فكن يتعلمن اللغة الفرنسية في مدارس التكوين المخصصة للأهالي، ونسيج الزرابي والأشغال اليدوية (١). وهو عدد قليل جدا أيضا.
وقد تدخلت الإدارة الفرنسية لتنشيط وتحديث الفنون والصناعات التقليدية، وألحقت ذلك بإدارة التعليم (ريكتور). ومن ذلك إنشاؤها مكتبا للرسم للقيام بجرد دقيق للأنواع والنماذج الفنية بالجزائر، وإحياؤها حسب الحاجة. ومن مهام المكتب الرجوع إلى الأشكال القديمة (الكلاسيكية) والاستفادة من نماذج تونس والمغرب والمشرق والفنون البربرية. ولعل الفرنسيين قد أحسوا بالذنب الكبير نحو التاريخ والفن والحضارة العربية الإسلامية في الجزائر حين هدموا المعالم وداسوا على الأضرحة والقباب واستباحوا قلع الزليج والفسيفساء والأبواب الخشبية المنقوشة غداة الاحتلال. فأخذوا يراجعون النماذج الباقية ويحصونها ويستجلبون نماذج أخرى من الخارج ظانين أنها من أصل واحد. فنقحوا زرابي القرقور والقلعة ورجعوا إلى الفن البربري القائم على الشكل الهندسي (الجيومتري). واستعانوا في الطرز بالنوع الرباطي (المغرب) المعروف بوروده وألوانه الزرقاء والخضراء والبنفسجية الغامقة والمذهبة، وسايروا الذوق العربي