أصل التصوف (ويسميه الطريقة أو طريقة القوم) هو محاسبة النفس على الأفعال والتروك، ص ٨٦٥.
أما رجال الطرق أنفسهم فيختلفون حول تعريف التصوف حسب الوسائل التي يستعملونها للوصول إلى هدفهم، إن البعض يراه في الممارسات والوسائل التي توصل إلى الحقيقة، وهي ممارسة التطهر والتقشف والقيام بالواجبات الشرعية على أتم وجه والتحلي بالأخلاق والفضائل وتجنب كل الشبه والمزالق، بينما يراه آخرون منهم في الوصول إلى الإلهام والكشف والرؤى والسرحان في عوالم الأسرار الغامضة، ولكن النتيجة واحدة تقريبا، فهي التسامي والتطهر للوصول إلى الدرجة العليا في القربى إلى الله ونيل رضاه، وفي تعريف الأمير عبد القادر لأحوال المتصوفة وأذواقهم مثال على رأي آخر حديث نسبيا (انظر تناولنا لكتابه (المواقف) في جزء آخر من هذا الكتاب).
وقد نفى أحد الباحثين الأجانب أن يكون التصوف إسلاميا أو مسيحيا أو هنديا، فهو في نظرة لا هذا ولا ذاك، إنه ليس فلسفة قائمة بذاتها، وليس فرقة دينية معروفة ومحددة بمذهب معين، بل إن التصوف عنده مجرد نمط من العيش في حالة طهر وصفاء كاملين، كما نفى هذا الباحث أن يكون التصوف عقيدة أو قاعدة ثابتة، أو تفكيرا عقليا معللا، ذلك أن التصوف الحقيقي لا يظهر إلا في الشعور والإلهام والانطباع وغيرها من المعطيات الغامضة (١).
وهذا أحد المتصوفين في القرن الماضي، وهو الشيخ محمد الموسوم (الميسوم). قد عرف التصوف بأنه القيام بالواجبات الشرعية من صلاة وصوم وحج، ومعرفة الله وشكره وحمده والتضرع إليه في كل وقت، وهو ترديد الشهادة (لا إله إلا الله) كلما أمكن ذلك، ومن واجبات المتصوف عنده الابتعاد عن مغريات الحياة الدنيا التي يعيش فيها، وأن يضع نصب عينيه دائما