الشيخ أكثر من غيرهم نظرا لمكانتهم في الشرف والقبيلة ثم لقيامهم بأدوار سياسية تارة ضد الفرنسيين وأخرى معهم، وقد ألزموا عددا من القبائل المحتمية بهم (الموالي) بدفع الغفارات المتنوعة، وكان الميلي يعرف ذلك من خلال إقامته الطويلة في الأغواط.
وهناك اجتماعات دورية للطريقة، فكل شيخ يجمع إليه المقدمين مرة أو مرتين في السنة، وقد عرفنا أن المقدم مكلف بإعطاء ورد الطريقة بواسطة الإجازة والسلسلة التي حصل عليها من شيخه، والمقدمون مكلفون بجمع الزيارات التي يعطيها الإخوان للطريقة، ثم يسلمونها إلى الشيخ أو خليفته، ويكون الاجتماع مع الشيخ فرصة لمناقشة الأمور العامة والخاصة التي تهم الطريقة وأتباعها وزاويتها، والمقدمون من هذه الناحية كأنهم سفراء شيخهم أو طريقتهم، فهم يقدمون التقارير ويبدون الآراء ويقترحون الحلول، حسب الوضع في البلاد وموقف السلطات، وموقف الطرق الأخرى، وأخبار الداخل والخارج، ولذلك فإن المقدم إذا لم يستطع الحضور بنفسه، عليه أن يكلف غيره بالحضور بدله، بشرط أن يكون هذا الشخص محل ثقة وبموافقة الشيخ على ذلك، ولهذا الاجتماع الكبير اسم معروف وهو (الحضرة). وأثناء الحضرة تدرس أيضا أحوال الميزانية، وتسمية المقدمين الجدد، وتكتب الرسائل إلى الإخوان والأعيان، وحتى إلى السلطات، إذا لزم الأمر.
وحين يرجع المقدم إلى مقر نشاطه يجمع بدوره إخوان الطريقة ليطلعهم على ما حصل في اجتماع الحضرة، ويسمى هذا الاجتماع (زردة). والبعض يطلق عليه (جلالة). والمشهور أن الزردة عبارة عن موائد تصف، ويحضرها العامة من إخوان الطريقة، وأن الزردة فرصة لممارسة أنشطة صوفية من رقص وضرب دفوف وإنشاد وضجيج، وهذا هو الوجه الظاهري لها، أما الوجه الآخر فهو أن المقدم يطلع الإخوان على ما جرى بالحضرة، ويقرأ عليهم رسائل الشيخ ويثير حماسهم إلى الطريقة والانتماء إليها، ثم يقوم باستعراضهم الواحد تلو الآخر عندما يأتون لتقبيل رأسه، وهو جالس، ويسلمون إليه ما جاؤوا به من دراهم الزيارة فيضعونها في طبق يكون عادة