للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجبات عند الطريقة فهي ذكر الله، والصدق، والابتعاد عن شؤون الدنيا، وأن تحب الناس وتخاف الله، ولخصوا تعليم القادرية بأنه مستمد من أفكار أخلاقية وفلسفية مشتركة بينها وبين الطرق الصوفية الأخرى، ومن ثمة كانت القادرية قاعدة لمختلف الطرق التي جاءت بعدها، حتى تلك التي استقلت عنها بقيت على صلة بها، ولا تمنع القادرية أتباعها من أن يجمعؤا بينها وبين طريقة أخرى (١). وهذا طبعا عن الجانب النظري في هذه الطريقة، أما الجانب العملي فسنرى أن هناك عدة ثغرات كانت الطريقة تعاني منها.

حاول البعض أن ينسب المقاومة على عهد الأمير عبد القادر إلى الطريقة القادرية (٢). وهذا من الخطأ الجسيم في نظرنا، حقا إن سمعة الحاج محيي الدين (والد الأمير) قد لعبت دورا في تجميع المقاومة حول شخصه، باعتباره زعيما روحيا محترما في المنطقة وباعتباره ضحية الباي حسن بن موسى قبل الاحتلال، ولكن مبايعة ابنه (الأمير) والتفاف الجماهير من حوله، مهما كانت عقيدتهم الصوفية، جعل القضية تخرج عن نطاق الطريقة إلى النطاق الوطني، ولكن دعاية الحرب الفرنسية عندئذ كانت تبذل قصارى جهدها لتفريق الصفوف حول الأمير مدعية أنه إنما كان يحارب باسم طريقته الصوفية، وأنه كان طموحا سياسيا، وقد صدق ذلك أمثال الشيخ مصطفى بن إسماعيل، زعيم الدوائر، كما صدقه الشيخ محمد الصغير التجاني، زعيم الطريقة التجانية، واستمر الفرنسيون في الضرب على هذا الوتر حتى بعد هزيمة الأمير وحدوث تطورات أخرى.

ولكن القادرية استمرت على نشاطها إلى جانب المقاومة عندئذ، فلا شك أن تأييد الحاج محيي الذين لابنه له أثر في التفاف إخوان الطريقة من حوله، وبعد وفاة الحاج محيي الدين تولى ابنه محمد السعيد (أخو الأمير) شؤون الطريقة فهو (خليفة) والده بالمصطلح الصوفي، وهو الابن الأكبر له، وكان الفتى أحمد بن محمد السعيد من أوائل من استشهدوا عند أسوار وهران


(١) رين، مرجع سابق، ص ١٧٩ - ١٨٠.
(٢) هنري قارو، مرجع سابق، ص ١٦٢، وهو يذهب إلى أن الأمير حمل السلاح باسم (القادرية). وقال إن بوعمامة (قادري) أيضا،

<<  <  ج: ص:  >  >>