وقد عاصر الشيخ علي بن عمر أحداث بسكرة وتغيير الأيدي عليها أثناء فترة حرجة (النزاع بين عائلة بوعكاز وعائلة ابن قانة على مشيخة العرب، ونفوذ الحاج أحمد، باي قسنطينة، ونفوذ الأمير عبد القادر الذي امتد لعائلة ابن عزوز، كما ذكرنا، ومحمد بن الحاج أحد أشراف سيدي عقبة). ويظهر أن الشيخ علي بن عمر لم يتدخل مباشرة في السياسية ولا في هذا الصراع على الأمور الزمنية، فكان قد فتح الزاوية للجميع يعلم ويت عبد وينشئ مكتبة ويطعم الفقراء، ويصلح بين الناس، وقد اتبع خلفاؤه سيرته أيضا فلم نجدهم يتدخلون في الأحداث السياسية التي عرفتها المنطقة بعد ذلك أو البعيدة عنه مثل ثورة ١٨٧١، وقد أورث بركته لابن أخيه علي بن عثمان، ويعتبر هذا الفرع كأنه الفرع الأم للزوايا الرحمانية الصحراوية فترة طويلة، وأذكار زاوية طولقة متطابقة مع أذكار زاوية نفطة.
وللشيخ علي بن عثمان إجازة نموذجية تتضمن طريقة إدخال الإخوان في الرحمانية والأذكار، كما أنها من الناحية اللغوية تعتبر قطعة مقبولة نظرا لضعف تحرير الإجازات وضعف ثقافة المقدمين عموما، وهذه الإجازة عامة وغير موجهة لشخص إذ أن اسم المجاز محذوف فيها، وقد ذكر فيها كيفية تلقين الذكر للأخ (المريد). والأذكار التي عليه أن يرددها والأوقات المخصصة لذلك، كما تضمنت الإجازة وصية الشيخ للإخوان بالمؤاخاة والحضرة والطاعة والصبر والتسليم لخلق الله والتعاون ... (١) وجدير بالملاحظة أن الإجازة تشير إلى الصلاة الشاذلية، كما تشير إلى التسليم لخلق الله، وهي عبارة هامة في النص دينيا وسياسيا، وعبارة أن الطريقة الرحمانية كسفينة نوح وكمقام إبراهيم، من دخلهما كان آمنا وناجيا، موجودة أيضا في إجازات الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري.
وقد أنشأ الشيخ المختار بن خليفة الجلالي أيضا فرعا للرحمانية أو زاوية في أولاد جلال، خدم بها المنطقة وكذلك نواحي أولاد نائل، واشتهر
(١) النص بالعربية والفرنسية، في ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٤٠١،