للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضباب هذه القصص الأسطورية؟ ولكن من كان يروج لها ويستفيد منها؟ اللهم إن هذا بعيد عن تعاليم الطريقة الرحمانية الأصلية التي قامت على بث العلم وخدمة الدين، على الأقل بالمفهوم البسيط، من عبادات وسلوك طيب مع الناس ومع الله.

ونعود إلى فروع الرحمانية في قسنطينة بعد وفاة الشيخ الحداد، ففرع قستطينة بقي مستقلا في عائلة باش تارزي، وعندما احتلت قسنطينة كانت الطريقة الرحمانية هناك في يد مصطفى باش تارزي الذي ورث والده، ثم السعيد بن أحمد باش تارزي الذي كان متوليا آخر القرن الماضي، وكان نشاط زاوية قسنطينة الرحمانية قد تأقلم مع الحياة المدنية في عهد الاحتلال، وتولى الرحمانيون هناك الوظائف الإدارية، ولكنهم ظلوا على صلة بالعلم والدين أيضا، أما المواقف السياسية فلا نجد لهم مشاركة فيها إلا ضمن العرائض التي كان يقدمها أعيان قسنطينة إلى السلطات الفرنسية مثل الشكوى لرفع الظلم أو طلب تعديل قانون جائر (١). ولا نعرف أن الرحمانيين في قسنطينة قد شاركوا في ثورة ١٨٧١ التي دعا إليها الشيخ الحداد.

وكان للزاوية الرحمانية في قسنطينة نشاط وفروع ومقدمون، وهي تتبع القواعد الرحمانية في الأذكار والممارسات والحضرة، وقد أصدر الشيخ محمد السعيد بن أحمد بن عبد الرحمن باش تارزي إجازة بتاريخ ١٣١٢ هـ وجهها إلى أتباعه وأصدقائه المحبين للزاوية، فأوصاهم فيها بذكر الله وترديد (لا إله إلا الله). والإجازة منجرة إليه من والده أحمد بن عبد الرحمن، وختمها يحمل تاريخ ١٢٥١، وحسب إحصاء آخر القرن (١٨٩٧) فإن أتباع زاوية قسنطينة بلغوا ١٠، ٠٧٠ بينهم ١، ٩٥٨ امرأة، ولها ثماني زوايا، ووكيل واحد، و ٢٥ طالبا، وشيخ واحد، و ٨٥ مقدما، و ١٠٤ من الشواش، ومعظم هؤلاء الأخوان كانوا في إقليم قسنطينة، وبعضهم كانوا


(١) وجدنا أسماء لعائلة باش تارزي تولى أصحابها وظائف القيادة للفرنسيين جهة الأوراس،

<<  <  ج: ص:  >  >>