للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشارة الطريقة التجانية بأن الساعة لم تحن بعد لطرد الرومي (الفرنسي) (١). ولكن (رين) حذر قومه قائلا: إذا كنا اليوم نعتمد على فروع الرحمانية في الجنوب فقد يكون ذلك غير ممكن غدا، ذلك أن المقدمين الرحمانيين في الصحراء وفي التل يعيشون متحررين من الالتزام، وإذا لم يكن هناك زعيم صف (حزب) سياسي قدير على جميع الزيارات وتبديل العلاقات، فإن بإمكانهم حينئذ أن ينضموا لهذا أو ذاك، دون حرج، كما حذر من العلاقات (الخارجية) التي للرحمانية مع الشاذلية والسنوسية والخلوتية، وهي العلاقات التي لا يمكن لفرنسا مراقبتها دائما وبدقة.

إن الرحمانية كانت منتشرة أيضا في مناطق شرقية أخرى غير الجنوب. وقد دلت البحوث الفرنسية على انتشارها في نواحي تبسة وخنشلة ومسكيانة وسوق أهراس والعين البيضاء، وكانت زاوية نفطة العزوزية هي الأكثر نشاطا في تلك النواحي، ومنذ احتلال تونس ١٨٨١ تغير نشاط هذه الزاوية لأن الفرنسيين تدخلوا في شؤونها وراقبوها، كما أنهم أحدثوا الشقاق بينها وبين زاوية طولقة من جهة وبينها وبين الزاوية التجانية من جهة أخرى، وقد وجد (أوغست كور) لذي درس الزوايا والأتباع في النواحي المذكورة حوالي ١٩١٤ أن الرحمانية وحدها كانت تضم أكثر من نصف عدد السكان، والتجانية أكثر من الربع، والقادرية أكثر من العشر، غير أنه لاحظ أن التأثير الحقيقي ليس بالعدد ولكن بنفوذ المقدمين، وكان أكثر هؤلاء المقدمين من فروع الرحمانية بتونس (نفطة وتمغزة). أو من طرابلس بالنسبة لبعض الطرف الأخرى كالمدنية، وهكذا لم يبق لتأثير الطرق الجزائرية، حسب تعبيره، سوى النصف (٢).


(١) قارو، مرجع سابق، ص ١٧١.
(٢) كور (بحوث في الطرق الصوفية بنواحي الشرق الجزائري) في (المجلة الإفريقية) ١٩٢١، ص ٢٩٨ وهنا وهناك، المقال مكتوب سنة ١٩١٤ ولم ينشر بسبب الحرب، وتوقف المجلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>